حرب، قلبت لابن عمك ظهر المجن بفراقه مع المفارقين، وخذلانه مع الخاذلين، واختطفت مقدرت عليه من أموال الأمة اختطاف الذئب الأزل دامية المعزى.
وفي الكتاب: ضح رويدا، فكأن قد بلغت المدى، وعرضت عليك أعمالك بالمحل الذي فيه ينادي المغتر بالحسرة، ويتمنى المضيع التوبة، والظالم الرجعة.
قوله: قد حرب، أي: غضب، يقال: حرب الرجل يحرب حربا، وحربته أنا، أي: أغضبته، وأسد محرب، أي: مغضب.
وقوله: قلبت لابن عمك ظهر المجن، هذا مثل يضرب لمن كان لصاحبه على مودة أو رعاية، ثم حال عن ذلك.
والمجن: الترس، وقوله: اختطاف الذئب الأزل دامية المعزى، إنما خص الدامية دون غيرها، لأن في طبع الذئب محبة الدم، فهو يؤثر الدامية على غيرها، ويبلغ به طبعه في ذلك أنه يرى الذئب مثله، وقد دمي فيثب عليه ليأكله، قال الشاعر: " من الطويل " فكنت كذئب السوء لما رأى دما * بصاحبه يوما أحال على الدم *:
وقال آخر: " من البسيط " اني رأيتك كالورقاء يوحشها * قرب الأليف وتغشاه إذا عقروا والورقاء: ذئبة، يقول: لا تقرب الذئب وتستوحش منه، فإذا عقر وثبت عليه.
وقوله: ضح رويدا، هذا مثل، وهو كما تقول. اصبر قليلا، ويقال أصله من تضحية الإبل، وهو تغديتها، يقال: ضحيتها، إذا غديتها، وقال زيد الخيل: " من الطويل " فلو أن نصرا أصلحت ذات بينها * لضحت رويدا عن مظالمها عمرو