وروى أبو قتادة الأنصاري، انه أصاب حمار وحش، وهو حلال فأتى به أصحابه، وهم محرمون فشكوا في أكله، فلحقوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان أمامم فقال: " كلوه " فذهب هؤلاء إلى أن الله تعالى إنما حرم على المحرم أن يصطاده أو يعقره، ولم يحرم عليه أكل لحمه إذا صاده حلال لغير حرام أو شئ من سببه.
* * * وقال أبو محمد في حديث عثمان رضي الله عنه، أنه قال حين تنكر له الناس، إن هؤلاء النفر رعاع غثرة، تطأطأت لهم إخوانا، وأراهموني الباطل شيطانا، أجررت المرسون رسنه وأبلغت الراتغ مسقانه، فتفرقوا علي فرقا ثلاثا، فصامت صمته أنفذ من صول غيره، وساع أعطاني شاهده، ومنعني غابه، ومرخص له في مدة زينت في قلبه، فأنا منهم بين ألسن لداد، وقلوب شداد، وسيوف حداد، عذيري الله منهم، ألا ينهى عالم جاهلا، ولا يردع أو ينذر حليم سفيها، والله حسبي وحسبهم يوم لا ينطقون، ولا يؤذن لهم فيعتذرون.
وفي الحديث، أن أم سلمة أرسلت إليه، يا بني، مالي أرى رعيتك عنك مزورين، وعن جنابك نافرين، لا تعف سبيلا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لحبها، ولا تقدح بزند كان أكباه، توخ حيث توخى صاحباك، فإنهما ثكما الأمر ثكما ولم يظلماه.
قوله: رعاع غثرة. كذا سمعته، يروى عثرة، كأنه جمع عاثر، مثل كافر وكفرة، وفاجر وفجرة، ولم أسمع لغائر جمعا، إنما يقال: رجل أغثر إذا كان جاهلا، وامرأة غثراء، والغثراء عامة الناس ورعاعهم. الغثرة والغبرة واحد. يقال شئ أغثر وأغبر، والبغثاء والبرشاء، الجماعة من الناس، وإنما قيل لها بغثاء وبرشاء، لأن فيها الأحمر والأسود. وكان ينبغي على هذا، أن يكون رعاع غثر، مثل أغبر وغبر، ولعله أن يكون يجتمع في الحرف " أفعل وفاعل "، كما يقال واحد وأوحد، ومائل وأميل، أو يكون " أفعل " قد يجمع على " فعلة "، فإني سمعت في