وأحكمته، من: الثفر، واللبد، واللبب، والعذار، والحكمة، فأما في عقل البعير وشده، فقال جاء " فعلت "، مثل هجرته بالهجار، وعقلته بالعقال، وأبضته بالأباض في حروف كثيرة.
وقوله: أحررته رسنه، يريد أنه خلاه وأهمله يرعى كيف شاء، كأنه ير رسنه إذا خلي، ونحو منه قولهم: " حبلك على غاربك ". والغارب: مقدم السنام، والأصل فيه أن يلقى حبل الاقة على غاربها وتترك تسرح وتذهب وتجئ حيث شاءت، فكني بذلك عن الطلاق.
والراتع، الذي يرتعي، والمسقاة، موضع الشرب وهو بفتح الميم، والعوام تقوم مسقاة بكسرها ' وكذلك مرقاة الدرجة، بفتح الميم، وإنما أراد أنه رفق برعيته، ولان لها في السياسة كمن خلا الركاب ترعى كيف شاءت. وهو مع ذلك يبلغها المورد في رفق، ومثل هذا في الرفق بالإبل قول الراعي: " من الطويل " لها أمرها حتى إذا ما تبوأت * بأخفافها مأوى تبوأ مضجعا قوله: لها أمرها، يريد انه جعل أمرها إليها تذهب كيف شاءت، حتى إذا أقامت في موضع اختارته لأنفسها اضطجع وتركها ترعى.
وقوله: ومرخص له في مدة زينت في قلبه، والمدة: أيام العمر، وهي العدة أيضا، وجمعها: مدد وعدد، ومنه قول نادبة الأحنف: " أما والذي كنت من أجله في عدة، ومن الحياة إلى مدة، ومن المضمار إلى غاية، ومن الآثار إلى نهاية ".
وقوله: زينت في قلبه، يريد أن هذه الأيام في الدنيا حببت إليه فباع بها حظه من الآخرة، فهو يستحل مني ما يحرم عليه. أو نحوه من المعنى.
وقوله: فصامت صمته أنفذ من صول غيره، يقول امساكه أشد من تطاول غيره ووعيده. يقال: صال عليه إذا علاه.