ورشح منه جبينه وإن كان ليقوت أهله بالزيت والخل والعجوة، وما كان لباسه إلا الكرابيس إذا فضل شيء عن يده من كمه دعى بالمقراض فقصه وما أشبهه من ولده ولا أهل بيته أحد أقرب شبها به في لباسه وفقهه من على بن الحسين (عليهما السلام).
ولقد دخل أبو جعفر ابنه (عليهما السلام) عليه فإذا هو قد بلغ من العبادة ما لم يبلغه أحد فرآه قد اصفر لونه من السهر، ورمصت (1) عيناه من البكاء، ودبرت جبهته وانخرم أنفه من السجود، وورمت ساقاه وقدماه من القيام في الصلاة.
فقال أبو جعفر (عليه السلام): فلم أملك حين رأيته بتلك الحال البكاء فبكيت رحمة عليه وإذا هو يفكر فالتفت إلى بعد هنيئة من دخولي وقال: يا بني أعطني بعض تلك الصحف التي فيها عبادة على بن أبي طالب (عليه السلام)، فأعطيته فقرأ فيها شيئا يسيرا، ثم تركها من يده تضجرا، وقال: من يقوى على عبادة علي (عليه السلام).
وروى محمد بن الحسين قال: حدثنا عبد الله بن محمد القرشي قال: كان على ابن الحسين (عليهما السلام) إذا توضأ اصفر لونه، فيقول له أهله: ما هذا الذي يغشاك؟ فيقول:
أتدرون لمن أتأهب للقيام بين يديه؟ (2) [4] - 4 - قال الطبري الإمامي:
حدثنا أبو محمد سفيان بن وكيع، عن أبيه، عن الأعمش، عن قدامة بن عاصم، قال: كان علي بن الحسين ((عليهما السلام)) رجلا أسمر، ضخما من الرجال، وكان ينظر إلى صريمة فيها ظباء فيسبق أوائلها ويردها على أواخرها. (3)