معاوية قال لرجل من كنانة: صف لي عليا. قال: اعفني قال: لا أعفيك. قال أما إذ لابد فإنه كان - والله - بعيد المدى شديد القوى يقول فصلا ويحكم عدلا يتفجر العلم من جوانبه وتنطق الحكمة من نواحيه يستوحش من الدنيا وزهرتها ويأنس بالليل وظلمته.
كان والله غزير العبرة طويل الفكرة يقلب كفه ويخاطب نفسه [كان] يعجبه من اللباس ما قصر ومن الطعام ما جشب.
كان والله كأحدنا يجيبنا إذا سألناه ويبتدؤنا إذا آتيناه ويلبينا إذا دعوناه.
ونحن والله مع تقريبه لنا وقربه منا لا نكلمه هيبة ولا نبتديه لعظمته فإن تبسم فعن مثل اللؤلؤ المنظوم.
[كان] يعظم أهل الدين ويحب المساكين لا يطمع القوي في باطله ولا ييأس الضعيف من عدله.
وأشهد بالله لقد رأيته في بعض مواقفه وقد أرخى الليل سرباله وقد غارت نجومه وقد مثل في محرابه قابضا على لحيته يتململ تململ السليم ويبكي بكاء الحزين فكأني الآن أسمعه وهو يقول: يا دنيا يا دنيا أبي تعرضت؟ أم بي تشوقت؟
هيهات هيهات غرى غيري. لا حان حينك قد بتتك ثلاثا لا رجعة لي فيك فعمرك قصير وعيشك حقير وخطرك يسير آه من قلة الزاد وبعد السفر ووحشة الطريق!!!
قال: فبكى معاوية وبكى القوم ثم قال: رحم الله أبا حسن كان والله كذلك وكيف حزنك عليه؟ قال: حزن والدة ذبح واحدها في حجرها فلا ترقأ عبرتها ولا يسكن حزنها. (1) [647] - 13 - قال ابن أبي الحديد:
روى خالد بن عبد الله الواسطي، عن حصين بن عبد الرحمن، عن هلال بن يساف، عن عبد الله بن ظالم، قال: لما بويع لمعاوية أقام المغيرة بن شعبة خطباء