موسوعة شهادة المعصومين (ع) - لجنة الحديث في معهد باقر العلوم (ع) - ج ١ - الصفحة ١٣٧
قبض النبي محمد فعيوننا * تذرى الدموع عليه بالتسجام قال أبو ذؤيب: فوثبت من نومى فزعا، فنظرت إلى السماء فلم أر إلا سعد الذابح (1)، فتفاءلت ذبحا يقع في العرب فعلمت أن النبي (صلى الله عليه وآله) قد قبض وهو ميت من علته، فركبت ناقتي وسرت، فلما أصبحت طلبت شيئا أزجر (2) به، فعن لي شيهم - يعنى القنفذ - وقد قبض على صل - وهي الحية - فهي تلتوي عليه، والشيهم يعضها حتى أكلها، فزجرت ذلك فقلت: الشيهم شيء مهم، والتواء الصل التواء الناس عن الحق على القائم بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله)، ثم أولت أكل الشيهم إياها غلبة القائم بعده على الأمر. فحثثت ناقتي حتى إذا كنت بالغابة زجرت (3) الطائر، فأخبرني بوفاته. ونعب غراب سانح (4) فنطق بمثل ذلك، فتعوذت بالله من شر ما عن لي في طريقي. و قدمت المدينة ولها ضجيج بالبكاء كضجيج الحاج إذا أهلوا بالإحرام، فقلت: مه؟
فقالوا: قبض رسول الله (صلى الله عليه وآله) فجئت المسجد فوجدته خاليا، وأتيت بيت رسول الله (صلى الله عليه وآله) فأصبت بابه مرتجا، وقيل: هو مسجى، وقد خلا به أهله فقلت: أين الناس؟ فقالوا:
في سقيفة بني ساعدة... ثم قال أبو ذؤيب: فشهدت الصلاة على محمد (صلى الله عليه وآله)، وشهدت دفنه. ثم أنشد أبو ذؤيب يبكى النبي (صلى الله عليه وآله):
لما رأيت الناس في عسلانهم * ما بين ملحود له (5) ومضرح متبادرين لشرجع بأكفهم * نص الرقاب، لفقد ابيض اروح فهناك صرت إلى الهموم، ومن يبت * جار الهموم يبيت غير مروح كسفت لمصرعه النجوم وبدرها * وتضعضعت آطام بطن الأبطح وتزعزعت أجبال يثرب كلها * ونخيلها لحلول خطب مفدح

1. سعد الذابح: منزل من منازل القمر، أحد السعود، وهما كوكبان نيران بينهما مقدار ذراع، وفي نحر أحدهما نجم صغير، لقربه منه كأنه يذبحه، فسمى لذلك ذابحا.
2. الزجر: نوع من الكهانة.
3. الزجر للطير: هو التيمن والتشاؤم بها فكانوا يتيمنون بسنوحها.
4. السانح: ما اتاك عن يمينك من طبي أو طائر ويتشاءمون ببروجها، والبارح: ما اتاك عن يسارك.
5. ملحود له: مدفون والمضرح: الذي وضع في الضريح وهو القبر.
(١٣٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 132 133 134 135 136 137 138 139 140 141 142 ... » »»
الفهرست