ما تكون ملزومة للصحة، بل مرادهم إنما هي التي تقع موضوعة للأمر بحيث لا تنفك عن الصحة بانضمام قصد القربة إليها، كما حققنا ذلك في مسألة الصحيح والأعم، فراجع، فلم يبق مجال للتوهم المذكور.
الأمر الثالث:
قد يتوهم أن هذه المسألة من مصاديق مسألة بناء المطلق على المقيد المنافي له، لفرض أن متعلق النهي المبحوث عن دلالته على الفساد إنما هي أخص مطلقا من متعلق الدليل المقتضي للصحة، وهو في العبادات الأمر، وفي المعاملات هو أو غيره، كقوله تعالى أحل الله البيع (1)، وأوفوا بالعقود (2)، وقوله عليه السلام: «المؤمنون عند شروطهم» (3) وأمثالها، ومن المعلوم أن مدعي دلالتها على الفساد يحمل ذلك الدليل المقتضي للصحة على غير مورد النهي ويقيده به، فيؤول النزاع إلى أنه هل يبنى ذاك الدليل المطلق على الدليل المقيد - وهو النهي - ويقيد بغير مورده، أو لا؟ فيتوجه على هذا إشكالان:
أحدهما: أنه بعد كون هذه المسألة من مصاديق تلك المسألة فالبحث عن تلك يغني عن البحث عن خصوص هذه، ولا وجه لإفرادها ببحث مستقل.
وثانيهما: أنه لا خلاف ظاهرا في تلك المسألة في بناء المطلق على [المقيد] المنافي له، وهو ينافي الخلاف الموجود هنا، بل المنكرون لدلالة النهي على الفساد بأجمعهم من البانين في تلك المسألة على بناء المطلق على المقيد، وبناؤهم على ذلك هناك ينافي إنكارهم لهذا هنا.