بسم الله الرحمن الرحيم وبه ثقتي [في تداخل الأسباب] فائدة: قد عنون جماعة من متأخري الأصوليين أن الأصل في الأسباب هل هو التداخل إلى أن يقوم على عدمه دليل، أو عدمه حتى يقوم على ثبوته دليل؟ وقبل الخوض في المسألة لا بد من بيان مرادهم من تداخل الأسباب، وأن المراد بالأسباب ما ذا؟ فاعلم أن المراد بالأسباب هنا إنما هي الشرعية، وهي المقتضيات للأحكام الشرعية التي بها [تدخل] () تلك الأحكام في الأدلة الشرعية لا العقلية، ولا الأعم، لعدم تعلق غرضهم بالعقلية بوجه، ولأنه لا يعقل هذا النزاع بالنسبة إليها، ضرورة امتناع تداخلها بجميع معاني التداخل المحتملة منه، هذا بخلاف الأسباب الشرعية، لأن سببيتها إنما هي بمقتضى ظواهر الأدلة الشرعية، فيمكن عدم كونها أسبابا واقعية ومؤثرات حقيقية كالعقلية، فيمكن فيها التداخل، فلا يكون عدم التداخل فيها بديهيا، حتى لا يقبل النزاع.
ثم الظاهر من تحرير الخلاف أن المراد تداخل ذوات الأسباب الشرعية، وحيث إن عدمه ضروري غير قابل للإنكار، فلا بد أن يكون المراد: إما تداخلها من حيث التأثير، بمعنى إفادة الجميع أمرا واحدا، فإن ذلك - أيضا - نوع