ثم إن من العبادات المخترعة ما لا يتوقف انعقادها عبادة على الأمر بها ومنها ما يتوقف انعقادها كذلك عليه، والأمر المتعلق بالقسم الأول كاشف عن عباديتها، والمتعلق بالثاني جاعل ومحقق لعباديتها.
والظاهر أن الصلاة والصوم من قبيل الأول، نظرا إلى ظاهر بعض الآثار المروية عن أهل العصمة عليهم السلام كقوله عليه السلام: «الصلاة معراج المؤمن» (1)، وأنها، قربان كل تقي» (2)، وكقوله عليه السلام: «الصوم جنة من النار» (3)، ومن المعلوم أن ثبوت تلك الآثار لهما إنما هو بالنظر إلى جهة عباديتهما، والظاهر من تلك الأخبار ثبوت تلك الآثار لذاتيهما، فيستكشف من ذلك كونهما من رسوم العبودية بأنفسهما، وأن الشارع إنما كشف عن ذلك بالأمر بهما، لا أنه جعلهما كذلك بالأمر، ويحتمل أن يكون العبادات كلها من هذا القبيل، فافهم.
إيقاظ: ربما يتوهم أنه على القول بوضع ألفاظ العبادات للصحيحة منها لم يوجد من العبادة ما يكون مصداقا للحد المذكور لها، فيبقى بلا مورد، إذ تصير العبادات المخترعة أيضا مما أخذت القربة في موضوعها، إذ المفروض حينئذ أن الصحة داخلة فيه، وهي لا تكون إلا بقصد القربة، فيكون هو محققا لموضوعها، لا شرطا لصحتها.
لكنه مدفوع: بأن القائلين بوضعها للصحيحة لا يريدون بها