متحد معه في الوجود، أو مفارق عنه فيه، بأن يكون تلك الأمور واسطة لثبوت النهي له لا واسطة في عروضه، فإن الواسطة في العروض حقيقة لا تصير موجبة لتعلق النهي بذيها، كما لا يخفى على التأمل، بل إطلاق المنهي عنه عليه إنما هو من باب المسامحة، وإلا فبدقة النظر ترى أنه ملازم للحرام، لا حرام.
وبالجملة: النزاع - في المسألة - إنما هو في دلالة النهي على فساد ما تعلق هو بنفسه بعد الفراغ عن تعلقه به كذلك ومع قطع النظر عن أن سبب تعلقه به ما ذا؟ نعم يمكن هنا نزاع آخر بين القائلين بدلالة النهي على الفساد من أنه هل يختص دلالته عليه بما إذا كان علته نفس ما تعلق به أو يعم غيره؟ فالبحث عن دلالة النهي على فساد شيء لتعلقه بجزئه أو شرطه أو غير ذلك خارج عن محل النزاع، نعم نفس ذلك الجزء أو الشرط باعتبار أنه منهي عن نفسه داخل فيه.
وكذلك البحث عن فساد الشيء بفقد جزئه أو شرطه رأسا، أو لفسادهما ولو من جهة تعلق النهي بهما أنفسهما خارج عنه.
والحاصل: أن النزاع إنما هو في فساد الفعل بالنظر إلى تعلق النهي بنفسه، فالنزاع فيه بالنظر إلى فقد جزئه أو شرطه أو بالنظر إلى تعلق النهي بشرطه أو جزئه خارج عن محل النزاع في المقام ومباين له جدا.
أما على الأول: فواضح.
وأما على الثاني: فلأن البحث فيه ليس في دلالة النهي على الفساد، بل إنما هو على تقديره بعد الفراغ عن دلالته على فساد متعلقه، فمرجعه إلى أن الجزء أو الشرط الفاسدين هل يوجبان فساد الكل أو المشروط، أو لا؟ وإن كان لا يعقل هذا النزاع على إطلاقه، وإنما يمكن مع تخصيص مورده بما إذا لم يكتف