وأما بناء على تفسيرهما بإسقاط القضاء وعدم إسقاط القضاء، فقد يكونان منها، وقد يكونان من أحكام الوضع التي لا يتحقق إلا بالوضع والجعل:
إما مستقلا، أو تبعا للأحكام التكليفية على اختلاف القولين فيها.
توضيح ذلك: أن موارد إسقاط الفعل للقضاء مختلفة:
فمنها: ما يلزمه ذلك عقلا، وذلك كما فيما إذا أتى بالعبادة بجميع الأمور المعتبرة فيها واقعا.
ومنها: ما لا يلزم ذلك عقلا، لكن الشارع اجتزأ بالفعل واحتسبه عن الواقع، وذلك كما في صورة مخالفة العبادة المأتي بها للواقع مع ثبوت كونها مجزية عنها، كصلاة ناسي الأجزاء الغير الركنية، حيث إنها مجزية عن الواقع إجماعا، وليس مأمورا بها أو بدلا عن المأمور به الواقع - كما حقق في محله - حتى يقال:
إنه بعد ثبوت البدلية يلزمها سقوط القضاء عقلا، فالملزوم مجعول، واللازم عقلي غير قابل للجعل.
وأما في المعاملات: فإن لوحظا بالنسبة إلى كلياتها - كصحة عقد البيع الكلي، أو فساد بيع الربا كذلك - فهما من أحكام الوضع، إذ معنى صحتها إنما هو كونها بحيث يفيد الأثر المقصود من جعل نوعها، وهذا إنما هو معنى سببيتها لإفادة ذلك الأثر، ومن المعلوم أن السببية أمر مجعول من الشارع، وكذلك فسادها.
وإن لوحظا بالنسبة إلى مصاديق تلك الكليات - وهي الجزئيات الحقيقة منها - فهما من الأحكام العقلية، إذ معنى صحة تلك المصاديق وفسادها إنما هو مطابقتها لتلك الكليات وانطباقها عليها وعدم انطباقها عليها، ومن المعلوم أن الانطباق وعدمه من الأمور الواقعية الغير القابلة للجعل، المدركة بالعقل، هكذا