الأصول العملية الجارية في موردها، ولا إشكال في أن مقتضاها الصحة لا الفساد، فتكون واردة على استصحاب عدم الصحة.
ويحتمل أن يكون مراده بالأصل المقتضي للفساد - الذي يرجع إليه قبل أصالة البراءة ومع قطع النظر عن اعتبارها - هو استصحاب عدم الصحة.
ويتجه عليه حينئذ: أن مقتضاه وأن كان الفساد إلا أنه لا يرجع إليه بعد رفع اليد عن مقتضى الدليل الاجتهادي - وهو النهي عند القائلين باعتبار أصالة البراءة - بل المرجع بعده إنما هي أصالة البراءة المقتضية للصحة.
وبالجملة: الموارد الخالي عن العموم والإطلاق المقتضيين لصحته لو لا النهي كالواجد لأحدهما عند القائلين بالبراءة من حيث الحكم بالصحة مع قطع النظر عن النهي، فلا يبقى ثمرة للخلاف فيه، فيفيد تعليل تخصيص مورده بغيره بانتفائها فيه.
اللهم إلا أن يكون مراده من مقتضى الصحة الأعم من العموم والإطلاق الشامل لأصالة البراءة - وإن كان يأباه ظاهر كلامه - فيختص ما استثناه بما لا يجري فيه أصالة البراءة، فحينئذ صح دعوى انتفاء الثمرة، لكن يتجه عليه ما مر من أنه لا يصلح لتخصيص النزاع.
هذا خلاصة الكلام في معنى الصحة والفساد، وقد ظهر أن المراد بالفساد في محل النزاع ما ذا.
وأما لفظ المنهي عنه فالمراد به إنما هو ما تعلق النهي بنفسه، كما هو الظاهر منه أيضا.
نعم لا يختص النزاع بما كان علة ثبوت النهي له نفسه، بل يعم ما تعلق به النهي لعلة جزئه أو شرطه أو وصفه (1) الداخل أو الخارج، أو الأمر مباين له