تقريرات آية الله المجدد الشيرازي - المولى علي الروزدري - ج ٣ - الصفحة ٥٦
هذا كله على فرض وقوع مخالفة الطلب السابق، وأما على فرض إطاعته فالأمر أوضح.
وأما على الأول: فلا شبهة في امتناع الاجتماع على أول شقيه، وهو صورة ارتكاب سبب الفعل، فإن النهي السابق وإن ارتفع بعد الاضطرار إلى فعل المنهي عنه الناشئ عن اتحاد سببه، بل لا يعقل بقاؤه، إلا أن أثره - وهو وقوع ذلك الفعل عصيانا - باق على حاله، وذلك لأن التكليف المتعلق بفعل إنما تتحقق مخالفته بارتكاب ذلك الفعل في وقت وجوب الاجتناب عنه إذا كان ذلك التكليف نهيا، أو بتركه في وقت وجوب الإتيان به إذا كان ذلك التكليف أمرا، ومن المعلوم أن الأفعال - التي هي من مقولة ذوات الأسباب - إذا تعلق بها أمر أو نهي يكون وقت الإتيان بها أو تركها بعد زمن إيجاد أسبابها، فكما أن امتثالها إنما يتحقق في ذلك الزمان لا غير، فكذلك عصيانها لا يقع إلا فيه لا قبله، بحيث لو فرض أن المكلف أتى بشيء قبل ذلك الزمان بسوء اختياره موجب لسلب قدرته على امتثالها في ذلك الزمان، فلا يكون إتيانه بذلك الشيء مخالفة حقيقية للتكليف المتعلق بها، بل إنما هو مخالفة حكمية، بل المخالفة الحقيقية إنما هي بترك تلك الأفعال أو ارتكابها في ذلك الزمان ولو كان ذلك بسبب سلب اختياره عن نفسه قبله بسوء اختياره، ولما كان المفروض فيما نحن فيه كون متعلق النهي من مقولة تلك الأفعال وإتيان المكلف بما أوجب اضطراره إلى ارتكابه في وقت وجوب الاجتناب عنه، فيكون ارتكابه له في ذلك الوقت عصيانا لذلك النهي، وإن كان النهي لا يعقل بقاؤه بعد الاضطرار إلى ارتكاب متعلقه ولو كان بسوء اختيار المكلف، إلا أن مخالفته لا تتحقق في مثل تلك الأفعال إلا على هذا النحو ولو لا ذلك لزم أن لا يعصي أحد بارتكاب المحرم الذي هو من مقولة ذوات الأسباب، نظرا إلى ان الإتيان بما أوجب ارتكابه ليس عصيانا له، فإذا فرض عدم تحقق العصيان بارتكاب نفس المحرم بعد ارتكاب ذلك السبب بتوهم أن
(٥٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 51 52 53 54 55 56 57 58 59 60 61 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 اجتماع الأمر والنهي 5
2 مسألة دلالة النهي على الفساد 69
3 في المفاهيم 135
4 في تداخل الأسباب 197
5 [في القطع] 221
6 في المراد من المكلف في عبارة الشيخ (ره) 221
7 في وجه حصر مجرى الأصول 227
8 في بيان المراد من الحجة في باب الأدلة الشرعية 235
9 في القطع الموضوعي والطريقي 247
10 في تصوير وجوه مخالفة القطع 271
11 في حكم التجري 273
12 في وجه قبح التجري 281
13 محاكمة الأخباري في عدم اعتماده على بعض أقسام القطع 301
14 في قطع القطاع 307
15 في أن المعلوم إجمالا كالمعلوم تفصيلا 312
16 في كفاية الموافقة الإجمالية وعدمها 313
17 في كفاية الموافقة الإجمالية في العبادات وعدمها 322
18 في لزوم مراعاة مراتب الامتثال 346
19 في إمكان التعبد بالظن وعدمه 351
20 في وجوه استحالة التعبد بالظن وأجوبتها 353
21 في تصوير مصلحة السلوك وغيره في حل الإشكال 359
22 في تصوير الإشكال من ناحية المكلف والمكلف والجواب عنه 363
23 في تصوير الانحلال في التعبد بالظن على مسلك السلوك 366
24 في أن الأمر بالسلوك مولوي أو إرشادي 367
25 في آثار الالتزام بمسلك السلوك 369
26 في وقوع التعبد بالظن 377