بدعوى أن تعلق الأمر بذلك التصرف الخاص المتصف بعنوان التخلص، إنما كان حين النهي لا بعده، لأن موضوع التخلص واجب أزلا وأبدا، فيكون منطبقا على الوجه الثالث.
نعم زمن امتثال ذلك الأمر متأخر عن زمان توجهه نحو المكلف، لأنه لا يكون إلا بعد الدخول في المكان المغصوب.
لكنه مدفوع: بأن الحكم قد يلاحظ بالنسبة إلى الفعل، وقد يلاحظ بالنسبة إلى المكلف، والذي ذكره - دام ظله - من أن عنوان التخلص واجب أزلا وأبدا إنما هو بالاعتبار الأول، وأما بالاعتبار الثاني فلا، فإن الحكم لا يتوجه نحو المكلف إلا بعد دخوله في موضوع ذلك الحكم، ومن المعلوم أن موضوع وجوب التخلص ليس ذات المتوسط في المكان المغصوب، بل إنما هو عنوان المتوسط فيه، فلا يتوجه إليه الأمر إلا بعد دخوله في ذلك العنوان، وهو لا يكون إلا بعد التوسط فيه الذي هو متأخر عن زمن النهي، فيكون منطبقا على الوجه الرابع، فتأمل بعين الإنصاف، وجانب التقليد والاعتساف.
نعم لا يختلف حكم المثال المذكور باعتبار دخوله في الوجه الرابع أو الثالث، لأنك قد عرفت امتناع الاجتماع على الوجه الثالث مطلقا، وكذلك على الوجه الرابع إذا كان الفعل من ذوات الأسباب بعد إيجاد سببه الموجب للاضطرار إلى ارتكابه.
ومن المعلوم أن التصرف الخاص في المثال المذكور من ذوات الأسباب بعد ارتكاب سببه الموجب للاضطرار إليه، فيمتنع اجتماع الأمر والنهي فيه على التقديرين.
ثم إنه لا بأس بالتعرض لتحقيق الحال في حكم المثال المذكور فنقول:
قد اختلفوا فيه على أقوال أربعة: القول بأن المتوسط مأمور بالخروج