محل النزاع في تلك المسألة المعهودة، بتقريب أن النزاع فيها إنما هو في أنه إذا أتى بشيء يكون مصداقا لمتعلقي الطلبين ومحصلا لهما فهل يجوز الاكتفاء به عنهما، أو لا؟ ولا يبعد.
وكيف كان، فمسألة تداخل الأغسال خارجة عن تلك المسألة على التقدير الأول، بل على الثاني أيضا، لعدم التصادق بين متعلقي الطلبين على كل منهما بوجه، بل يباين كل منهما الآخر مطلقا، فافهم.
الثالث أن السيد إذا أمر عبده بخياطة ثوب، ونهاه عن الكون في مكان مخصوص، فخاطه فيه، فلا ريب في أنه يعد في العرف مطيعا وعاصيا باعتبار الجهتين، وكذلك الحال فيما إذا أمره بمشي خمسين خطوة في كل يوم، ونهاه عن الدخول في الحرم، فمشى المقدار المذكور في داخل الحرم.
وجه الاستدلال: أن الإطاعة والعصيان لا تتحققان في الخارج إلا بالأمر والنهي، فصدقهما على شيء واحد كاشف عن وجود الأمر والنهي فيه، فثبت وقوع اجتماع الأمر والنهي في شيء واحد، فثبت به المطلوب، وهو إمكان الاجتماع، حيث إن الوقوع أخص من الإمكان فيستلزمه هذا.
قال دام ظله: كون المثال الأول مماثلا للمقام مبني على كون متعلق الأمر نفس تلك الحركات، وهي إدخال الإبرة وإخراجها عن الثوب مع كون متعلق النهي هو الكون بمعنى التصرف، لا وجود المكلف أو تحيزه الجسمي، وإلا لم يكن مماثلا ولا شاهدا له على تقدير ثبوته بوجه، فإنه إذا كان متعلق الأمر هي الصفة الحاصلة للثوب من تلك الحركات، حيث إنه يجوز الأمر بها لكونها مقدورة بالواسطة سواء كان متعلق النهي والكون بمعنى التصرف، أو وجود المكلف أو التحيز الجسمي، أو كان متعلق النهي هو الكون بمعنى وجود المكلف أو تحيزه