وأما الوجه الرابع: فالحق فيه أيضا التفصيل المتقدم: من أنه إذا كان الفعل من ذوات الأسباب (1) بعد إيجاد سببه - الموجب لاضطرار المكلف إلى تركه فيما يجب (2) فعله، أو العكس - يمتنع الاجتماع إلا على نحو البداء لعين ما مر.
وأما إذا كان من غيرها أو منها قبل إيجاد سببه فيجوز لما مر، وتعدد الجهة بعد انحصار فرد المأمور به في المحرم مثل اتحادها من غير فرق أصلا إنما يجدي إذا لم ينحصر فيه، مثال ما إذا كان من ذوات الأسباب (3) بعد إيجاد ما أوجب اضطراره إلى المخالفة، إلقاء المكلف نفسه اختيارا في بئر الغير عدوانا ولم يصل بعد (4) إلى ماء البئر، فأراد الارتماس فيه حينئذ بعنوان الغسل - بالضم -، فعلى ما حققنا لا يصح منه ذلك فإنه وإن كان غير مضطر إلى الوصول إليه من باب الغسل، بل يقدر عليه من باب عنوان آخر، فلا مانع من الأمر بذلك الارتماس من هذه الجهة، إلا أن النهي السابق اقتضى حرمة جميع أفراد المنهي عنه التي منها ما صادف الارتماس بعنوان الغسل واتحد معه، فتكون ذات (5) ذلك الارتماس معصية، فلا يصح تعلق الأمر [به]، فلا يجدي ولا يصح منه ذلك بوجه، لأن الصحة تتوقف على وجود الأمر، بل على القول بعدم توقفها عليه أيضا لامتناع وقوع الطاعة بالمعصية، وأما على جواز الاجتماع فالوجه أيضا عدم الصحة، لما ذكرنا من امتناع وقوع الطاعة بالمعصية، فتنفى الثمرة بينهما.