وأما الأولى فلتبادر ذلك منها عرفا عند الإطلاق وعدم القرينة.
ويكشف عن ذلك التبادر أنه لو قال أحد: إن جاءك زيد فأكرمه، ثم قال: وإن لم يجئك فأكرمه - يفهم العرف التنافي بين الكلامين، ولو لا ظهور الأول في تعليق وجوب الإكرام على المجيء لما كان بينهما تناف أصلا.
ويؤيده تسمية أهل العربية لتلك الأدوات بأدوات الشرط، فإن الظاهر أن مرادهم أنها تفيد معنى الشرط، ومن المعلوم أن مادة الشرط ظاهرة في التعليق، ويقويه حكاية الاتفاق عنهم على وضعها للتعليق.
وكيف كان فلا ينبغي الارتياب في ظهور الأدوات في سببية الشرط المذكور في القضية للجزاء مع تعليق الجزاء عليه، وبضميمة إطلاق التعليق يتم المطلوب، وهو دلالتها على انتفاء الجزاء بانتفاء ما ذكر من الشرط في القضية بالتقريب المتقدم، فإن كان المذكور فيها شرطا واحدا فيفيد انتفاءه بانتفائه، أو متعددا فبانتفاء الجميع، فإن قضية الإطلاق المذكور تعين المعلق عليه في تلك الأمر والمتعددة الذكورة في القضية بالإضافة إلى غيره مما لم يذكر فيها وإن كان مقتضى تعدد المذكور فيها بدلية كل من تلك الأمور عن الآخر.
ثم إن القول بإفادة الأدوات للانتفاء عند الانتفاء وضعا من باب الالتزام يستفاد من صاحب المعالم (1) - قدس سره - واختاره غيره - أيضا - على ما حكى عنه، واحتج عليه: بأن قولنا: - إن جاءك زيد فأكرمه - بمنزلة قولنا: - الشرط في وجوب إكرامه مجيئه إياك - فكما أن ذلك يفيد (2) الانتفاء عند الانتفاء فكذا هذه.
وأورد (3) عليه تارة: بأن ظهور ذلك [في] انتفاء الإكرام بانتفاء المجيء إنما