أما أولها (1): فلأن مجرد مزية اختصاص معنى بفرد لا يوجب انصرافه (2) إليه عند الإطلاق.
ثم إنه على تقدير تسليمه لا يوجب إرادة كون الشرط سببا للجزاء، بأن يكون الكلام بمنزلة قوله: هذا سبب له، حتى يؤخذ بإطلاقه ويثبت به السببية المنحصرة، بل غاية ما يفيده ثبوت وصف السببية له في الجملة.
وأما ثانيها (3): فيتجه عليه أن الخطابات إنما تحمل على مجاري (4) العادات، بحيث لو كان بعض مداليلها على خلاف العادة لا تحمل عليه جدا، ومن المعلوم أن وجود السبب المذكور في القضية الشرطية بدون شيء آخر معه في العالم على خلاف العادة إن لم نقل بامتناعه، فالقضية الشرطية [ليست] على الإطلاق بالنسبة إليه، بل تنصرف على طبق العادة (5)، وهو وجوده مع شيء آخر، ويحمل عليه، ومعه لا يثبت كون الشرط المذكور في القضية هو السبب للجزاء، لعدم منافاتها حينئذ لاشتراكهما في العلة، ولا يكون المسبب هو الجزاء لصدق لزوم الجزاء للشرط على تقدير اشتراكهما في العلة، إذ لم يؤخذ في معنى اللزوم كون الملزوم مؤثرا في اللازم، وكذا على تقدير كون الجزاء هو المسبب إذا كان الشيء الآخر الموجود مع الشرط سببا لوجود الجزاء واقعا، ومع تسليم ذلك فيتجه عليه ما مر في الطريق السابق - من عدم اقتضاء ذلك لإرادة كون الشرط سببا حتى يؤخذ بإطلاقه - في إثبات انحصار السبب.
وأما ثالثها: وهو الأصل، فيتجه عليه: