أولا - أنه قد يكون تحقق السبب المحتمل قيامه مقام الشرط عند انتفائه موافقا للأصل، وذلك فيما إذا كان عدميا، كما في قولك: إن لم يكرمك زيد فأهنه، فأكرمه زيد، نشك في أن عدم مدح زيد إياه - أيضا - سبب للإهانة، (وأنه على تقدير كونه سببا هل هو مدحه، أو لم يمدحه)؟ فلا يجري الأصل في نفي عدم المدح بالضرورة.
وثانيا - أن الجزاء قد يكون من الأمور العدمية، فيكون تحققه موافقا للأصل، لا انتفاؤه كما في قوله عليه السلام: «إذا بلغ الماء قدر كر لم ينجسه شيء» (1).
لا يقال: إنا نستفيد في تلك الموارد - مما علق فيها العدم على أمر وجودي - وجود المقتضي لقلب ذلك الجزاء العدمي إلى ما يقتضيه، وإن ذلك الأمر الوجودي من موانع ذلك المقتضي، فإذا فرض انتفاؤه وشككنا في قيام شيء آخر مقامه ننفيه (2) بالأصل، فيثبت به عدم المانع من المقتضي المذكور، فيؤثر حينئذ أثره، وهو نقيض الجزاء، ففي المثال المذكور نستفيد أن الملاقاة مع شيء نجس مقتض للتنجس وأن الكرية مانعة منه، فإذا انتفى الكرية وشككنا في قيام مانع آخر منه مقامه ننفيه بالأصل، فيؤثر المقتضي أثره.
لأنا نقول: إن الاقتضاء ليس حكما شرعيا ثابتا للشيء، وإنما هو صفة ثابتة (3) له، وليس هناك عموم دليل أو إطلاق (3) يؤخذ به في مورد الشك، فهو بمجرده لا يترتب عليه المقتضى - بالفتح - وهو التنجس في المثال المذكور،