نعم الفرق بينه وبين الطريقين المذكورين: أن المقدمات المأخوذة فيهما أزيد مما أخذت فيه، ومن المعلوم أن انحصار المقدمات في مقدمتين لا يوجب دخول النتيجة في اللوازم البينة كما لا يخفى، وإلا لزم كون وجوب مقدمة الواجب أيضا منها، ضرورة عدم توقفه على أزيد من مقدمتين.
إحداهما: أن هذا مقدمة لواجب.
وثانيتهما: أن كل مقدمة للواجب واجبة. فينتج منهما: أن هذا واجب، واللازم باطل، للاتفاق على دخوله في اللوازم الغير البينة وكونه من دلالة الإشارة، فالملزوم مثله.
ومن هنا ينقدح الإشكال - أيضا - في صلاحية دليل الحكمة المتقدم للقرينة وظهور اللفظ في إرادة الانتفاء عند الانتفاء منه، لابتنائه - أيضا - على مقدمات عديدة كما لا يخفى على المتأمل، فغاية ما يترتب عليه تسليم إثبات أن الغرض من التعليق نفي الحكم عن غير مورد التعليق، وأين هذا من إثبات كونه مرادا من اللفظ؟ ومن هنا يقوى القول بدلالة الأدوات على الانتفاء عند الانتفاء من باب التضمن، لعدم تصور معنى آخر - غير السببية المنحصرة أو التعليق كذلك - للمنطوق، و [لا] يلزمه ذلك بينا، حتى تصح دعوى دلالتها عليه من باب الاستلزام البين.
ويمكن منع جريان الإشكال المتقدم في الطريق المذكور من باب الانتقال من التعليق على الإطلاق إلى الانتفاء عند الانتفاء وإن كان ناشئا من القياس المذكور، لكن كبرى ذلك القياس مركوزة في الأذهان وحاضرة عندها، وصغراه مستفادة من القضية الشرطية، فبمجرد التلفظ بالقضية الشرطية يحضر مقدمتا ذلك القياس في الذهن من غير حاجة إلى النظر، وينتقل إلى النتيجة وهي انتفاء