قال المأمون: كيف يجوز أن يقول علي (عليه السلام) أجلد الحد على من لا يجب حد عليه، فيكون متعديا لحدود الله عزوجل، عاملا بخلاف أمره، وليس تفضيل من فضله عليهما فرية، وقد رويتم عن إمامكم أنه قال: وليتكم ولست بخيركم. فأي الرجلين أصدق عندكم؛ أبو بكر على نفسه أو علي (عليه السلام) على أبي بكر؟ مع تناقض الحديث في نفسه، ولابد له في قوله من أن يكون صادقا أو كاذبا، فإن كان صادقا فأنى عرف ذلك؟ بوحي؟ فالوحي منقطع، أو بالتظني؟ فالمتظني متحير، أو بالنظر؟ فالنظر مبحث، وإن كان غير صادق، فمن المحال أن يلي أمر المسلمين، ويقوم بأحكامهم، ويقيم حدودهم كذاب.
قال آخر: فقد جاء أن النبي (صلى الله عليه وآله) قال: أبو بكر وعمر سيدا كهول أهل الجنة.
قال المأمون: هذا الحديث محال؛ لأنه لا يكون في الجنة كهل، ويروى أن أشجعية كانت عند النبي (صلى الله عليه وآله) فقال: لا يدخل الجنة عجوز. فبكت، فقال لها النبي (صلى الله عليه وآله): إن الله تعالى يقول: ﴿إنا أنشأناهن إنشاء * فجعلناهن أبكارا * عربا أترابا﴾ (١) فإن زعمتم أن أبا بكر ينشأ شابا إذا دخل الجنة، فقد رويتم أن النبي (صلى الله عليه وآله) قال للحسن والحسين (عليهما السلام): إنهما سيدا شباب أهل الجنة من الأولين والآخرين، وأبوهما خير منهما.
قال آخر: فقد جاء أن النبي (صلى الله عليه وآله) قال: لو لم أكن أبعث فيكم لبعث عمر.
قال المأمون: هذا محال؛ لأن الله تعالى يقول: ﴿إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده﴾ (2) وقال تعالى: (وإذ أخذنا من النبيين ميثاقهم ومنك ومن