تعالى فقد أمر الله تعالى نبيه (صلى الله عليه وآله) بدعاء علي (عليه السلام) من بين صبيان الناس وإيثاره عليهم، فدعاه ثقة به وعلما بتأييد الله تعالى.
وخلة أخرى: خبروني عن الحكيم هل يجوز أن يكلف خلقه ما لا يطيقون؟
فإن قلتم: نعم؛ فقد كفرتم، وإن قلتم: لا؛ فكيف يجوز أن يأمر نبيه (صلى الله عليه وآله) بدعاء من لا يمكنه قبول ما يؤمر به لصغره، وحداثة سنه، وضعفه عن القبول؟
وخلة أخرى: هل رأيتم النبي (صلى الله عليه وآله) دعا أحدا من صبيان أهله وغيرهم فيكونوا أسوة علي (عليه السلام)؟ فإن زعمتم أنه لم يدع غيره، فهذه فضيلة لعلي (عليه السلام) على جميع صبيان الناس.
ثم قال: أي الأعمال أفضل بعد السبق إلى الإيمان؟ قالوا: الجهاد في سبيل الله.
قال: فهل تجدون لأحد من العشرة في الجهاد ما لعلي (عليه السلام) في جميع مواقف النبي (صلى الله عليه وآله) من الأثر؟ هذه بدر قتل من المشركين فيها نيف وستون رجلا، قتل علي (عليه السلام) منهم نيفا وعشرين، وأربعون لسائر الناس.
فقال قائل: كان أبو بكر مع النبي (صلى الله عليه وآله) في عريشة (1) يدبرها.
فقال المأمون: لقد جئت بها عجيبة! أكان يدبر دون النبي (صلى الله عليه وآله)، أو معه فيشركه، أو لحاجة النبي (صلى الله عليه وآله) إلى رأي أبي بكر؟ أي الثلاث أحب إليك أن تقول؟
فقال: أعوذ بالله من أن أزعم أنه يدبر دون النبي (صلى الله عليه وآله) أو يشركه أو بافتقار من النبي (صلى الله عليه وآله) إليه!