وأخر عليا (عليه السلام) فقال له في ذلك فقال: ما أخرتك إلا لنفسي. فأي الروايتين ثبتت بطلت الأخرى.
قال الآخر: إن عليا (عليه السلام) قال على المنبر: خير هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر وعمر.
قال المأمون: هذا مستحيل؛ من قبل أن النبي (صلى الله عليه وآله) لو علم أنهما أفضل ما ولى عليهما مرة عمرو بن العاص، ومرة أسامة بن زيد. ومما يكذب هذه الرواية قول علي (عليه السلام) لما قبض النبي (صلى الله عليه وآله) وأنا أولى بمجلسه مني بقميصي، ولكني أشفقت أن يرجع الناس كفارا، وقوله (عليه السلام): أنى يكونان خيرا مني وقد عبدت الله تعالى قبلهما، وعبدته بعدهما؟
قال آخر: فإن أبا بكر أغلق بابه، وقال: هل من مستقيل فأقيله، فقال علي (عليه السلام): قدمك رسول الله (صلى الله عليه وآله) فمن ذا يؤخرك؟
فقال المأمون: هذا باطل من قبل أن عليا (عليه السلام) قعد عن بيعة أبي بكر، ورويتم أنه قعد عنها حتى قبضت فاطمة (عليها السلام)، وأنها أوصت أن تدفن ليلا لئلا يشهدا جنازتها.
ووجه آخر: وهو أنه إن كان النبي (صلى الله عليه وآله) استخلفه، فكيف كان له أن يستقيل وهو يقول للأنصار: قد رضيت لكم أحد هذين الرجلين أبا عبيدة وعمر؟
قال آخر: إن عمرو بن العاص قال: يا نبي الله من أحب الناس إليك من النساء؟ قال: عائشة. فقال: من الرجال؟ فقال: أبوها.
فقال المأمون: هذا باطل من قبل أنكم رويتم أن النبي (صلى الله عليه وآله) وضع بين يديه طائر مشوي فقال: اللهم ائتني بأحب خلقك إليك، فكان عليا (عليه السلام). فأي روايتكم تقبل؟
فقال آخر: فإن عليا (عليه السلام) قال: من فضلني على أبي بكر وعمر جلدته حد المفتري.