فصدق أبي رسول الله (صلى الله عليه وآله) سابقا ووقاه بنفسه، ثم لم يزل رسول الله (صلى الله عليه وآله) في كل موطن يقدمه ولكل شديدة يرسله، ثقة منه، وطمأنينة إليه، لعلمه بنصيحته لله ورسوله (صلى الله عليه وآله)، وإنه أقرب المقربين من الله ورسوله، وقد قال الله عز وجل:
﴿والسابقون السابقون * أولئك المقربون﴾ (١) وكان أبي سابق السابقين إلى الله عز وجل وإلى رسوله (صلى الله عليه وآله) وأقرب الأقربين، فقد قال الله تعالى: ﴿لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقتل أولئك أعظم درجة﴾ (٢).
فأبي كان أولهم إسلاما وإيمانا، وأولهم إلى الله ورسوله هجرة ولحوقا، وأولهم على وجده ووسعه نفقة، قال سبحانه: ﴿والذين جاءو من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولاخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم﴾ (٣) فالناس من جميع الأمم يستغفرون له بسبقه إياهم الإيمان بنبيه (صلى الله عليه وآله)، وذلك أنه لم يسبقه إلى الإيمان أحد، وقد قال الله تعالى: ﴿والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان﴾ (4) فهو سابق جميع السابقين، فكما أن الله عز وجل فضل السابقين على المتخلفين والمتأخرين، فكذلك فضل سابق السابقين على السابقين (5).
راجع: القسم الخامس عشر / عدة من مبغضيه / معاوية بن حديج.