وأما ابن الأثير فقال: وفي هذه السنة [30 ه] كان ما ذكر في أمر أبي ذر، وإشخاص معاوية إياه من الشام إلى المدينة، وقد ذكر في سبب ذلك أمور كثيرة - من سب معاوية إياه، وتهديده بالقتل، وحمله إلى المدينة من الشام بغير وطاء، ونفيه من المدينة على الوجه الشنيع، لا يصح النقل به، ولو صح لكان ينبغي أن يعتذر عن عثمان؛ فإن للإمام أن يؤدب رعيته، وغير ذلك من الأعذار، لا أن يجعل ذلك سببا للطعن عليه!! - كرهت ذكرها.
وأما العاذرون فإنهم قالوا:.... (1) وهكذا يسدلان الستار على الحقائق. ومن جانب آخر، ينقلان معلومات كاذبة عن أبي ذر، فيحاولان المس بقدسية " أصدق من أقلته الغبراء ". ومن العجب أنهما يوردان ذلك كله عن سيف بن عمر بطل الوضع والاختلاق، ومثال الافتراء، والنموذج الماثل لإشاعة الكذب.
إن أحدا لم يثن على سيف؛ فقد ضعفه ابن معين وقال: " فليس خير منه ".
وذهب أبو حاتم إلى أنه " متروك الحديث ". ونص النسائي والدارقطني على ضعفه. وقال أبو داود: " ليس بشيء ". وقال ابن حبان: " يروي الموضوعات عن الأثبات ". اتهم بالزندقة، وقالوا: إنه كان يضع الحديث، وذهب الحاكم أيضا إلى أنه متهم بالزندقة (2).
وأما أخبار سيف بن عمر فجميعها تبيض صحيفة عثمان وتدافع عنه، فيقول مثلا في نفي أبي ذر من قبل عثمان:
قال [أبو ذر لعثمان]: فتأذن لي في الخروج؟ فإن المدينة ليست لي بدار.