مات وترك هذا المال: إن الله أعطاه خير الدنيا وخير الآخرة، وتقطع على الله بذلك! وأنا سمعت النبي (صلى الله عليه وآله) يقول: " ما يسرني أن أموت وأدع ما يزن قيراطا "!!
فقال له عثمان: وار عني وجهك. فقال: أسير إلى مكة؟ قال: لا والله. قال:
فتمنعني من بيت ربي أعبده فيه حتى أموت؟ قال: إي والله.
قال: فإلى الشام؟ قال: لا والله.
قال: البصرة؟ قال: لا والله، فاختر غير هذه البلدان.
قال: لا والله، ما أختار غير ما ذكرت لك، ولو تركتني في دار هجرتي ما أردت شيئا من البلدان، فسيرني حيث شئت من البلاد.
قال: فإني مسيرك إلى الربذة. قال: الله أكبر! صدق رسول الله (صلى الله عليه وآله)؛ قد أخبرني بكل ما أنا لاق.
قال عثمان: وما قال لك؟! قال: أخبرني بأني أمنع عن مكة والمدينة، وأموت بالربذة، ويتولى مواراتي نفر ممن يردون من العراق نحو الحجاز.
وبعث أبو ذر إلى جمل له، فحمل عليه امرأته، وقيل: ابنته. وأمر عثمان أن يتجافاه الناس حتى يسير إلى الربذة.
فلما طلع عن المدينة - ومروان يسير [ه] عنها - طلع عليه علي بن أبي طالب (رضي الله عنه)، ومعه ابناه الحسن والحسين، وعقيل أخوه، وعبد الله بن جعفر، وعمار بن ياسر.
فاعترض مروان، فقال: يا علي، إن أمير المؤمنين قد نهى الناس أن يصحبوا أبا ذر في مسيره ويشيعوه، فإن كنت لم تدر بذلك فقد أعلمتك!
فحمل عليه علي بن أبي طالب بالسوط، وضرب بين أذني راحلته، وقال: