وهكذا يتضح - بلا أدنى شائبة - أن المراد في مدلول هذا الجزء من الآية أن جهود هؤلاء في إطفاء هذا النور ستصاب بالخيبة، وستبوء جهودهم للطعن بالنبي بالضلالة والخسران، وتذهب مساعيهم لإفشال هذا " البلاغ " أدراج الرياح، ولن يحصدوا من رمي النبي (صلى الله عليه وآله) بتهمة الانحياز إلى بيته وقرابته القريبة إلا الذلة والصغار.
فالمقصود إذا: ستسقط كل أمنيات هؤلاء للحؤول دون الإجهار بهذا البلاغ، وتصير كهشيم تذروه ريح عاتية.
تحوي هذه الآية من النقاط والعظات المضيئة أكثر بكثير مما سطرته هذه الكلمات. لكن مع ذلك فإن ما أوردناه في نقل الرؤى يهدف إلى تشييد معالم المشهد التاريخي للواقعة، وتجسيد أجواء النزول، أكثر مما يهدف إلى تبيين معنى الآية.
أما الآن فنمر على بعض الأقوال في الآية من خلال المحورين التاليين:
1 - نزول الآية أول البعثة، والخشية من إبلاغ الدين!
يبدو أن أول من ذهب إلى ذلك - وان لم يقطع به - هو محمد بن إدريس الشافعي، فعلى أساس ما ذكره، أن النبي (صلى الله عليه وآله) بعد أن أتاه الوحي ونزلت عليه:
(اقرأ باسم ربك الذي خلق)، كبر ذلك عليه، وخاف التكذيب وأن يتناول من قبل المشركين، فنزل عليه (يا أيها الرسول بلغ)، وقد كان ذلك عصمة له من قبل الله سبحانه كي يمضي على تبليغ ما أمر به بثبات ودون خوف (1).
على أساس هذه الرؤية روي عن الحسن البصري قوله: إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: