فيا ترى، ما هو الأمر الذي يتحتم على النبي (صلى الله عليه وآله) أن يبادر إلى إبلاغه؟ وما هي الرسالة التي يبعث إبلاغها في نفس النبي (صلى الله عليه وآله) كل هذه الخشية والتوجس، وهو الصلب الذي تحمل ما تحمل في سبيل تبليغ كلمات الله ورسالاته ولم يبال، وذو العزم الراسخ في سبيل إعلان الحق وتوسيع مداه، وهو الطود الشامخ الذي واجه الشرك وحده؟
أطبقت كلمة أعلام الشيعة محدثين ومفسرين ومؤرخين ومتكلمين - ودون أدنى شائبة تردد - أن الآية مرتبطة بواقعة يوم " الغدير "، وأن محتوى الرسالة وفحواها هو " الولاية " و " الإمامة العلوية ".
ومن ثم ذهبوا إلى أن الآية المباركة نزلت في الثامن عشر من ذي الحجة عام 10 ه لتؤكد - والمسلمون محتشدون من كل حدب وصوب - على " الولاية العلويه " للمرة الأخيرة، في ظل أجواء أخاذة مؤثره تستعصي على النسيان.
أما علماء أهل السنة فقد تفرقت بهم السبل، فلم تتفق كلمتهم بشأن زمن نزول الآية، كما لم يتوحدهم رأي بشأن محتوى الأمر الذي يتحتم على النبي إبلاغه.
لقد رصد فخر الدين الرازي أغلب هذه الآراء، وأنهاها إلى عشرة أقوال، يتفق القول الأخير منها مع رؤية الشيعة. لكن من اليسير أن نلحظ عدم استقامة ما ذكره، وإن يبدو وجود مؤيدات أحيانا في كلمات الصحابة أو التابعين ذكرها غير الفخر الرازي في كتبهم.
وقبل أن نطل على بعض الرؤى التي اكتنفت الآية، من الجدير أن نتناول مفهومها بشيء من البحث والتحليل، عبر النقاط الآتية:
1 - قوله سبحانه: (بلغ ما أنزل إليك من ربك).