أحاديث السفينة (13) والنبي (صلى الله عليه وآله) يعيش بين الأمة كان يمسك بجميع الأمور، ويشرف على الشؤون كافة، ولم يكن المجتمع الإسلامي على عهد النبي قد اتسع بعد، بيد أن هذا المجتمع الفتي كان يواجه مصاعب كثيرة على الصعيدين الداخلي والخارجي، ويعاني عددا من الانحرافات؛ فتيار النفاق - مثلا - كانت بذوره الأولى قد نشأت في تضاعيف ذلك المجتمع، وهكذا لاحت أيضا إرهاصات ارتداد البعض انطلاقا من المجتمع ذاته.
لقد كان الرسول القائد ينظر ليوم تغيب فيه هذه الشعلة المتوهجة، ويفقد المجتمع وجود النبي، فيما ينبغي للأمة أن تشق طريقها من بعده، وتواصل الدرب. إن كل ما توفرنا على ذكره يشير إلى التخطيط لمستقبل الأمة وتدبير غدها الآتي؛ هذا الغد الذي سينشق عن أجواء تتفجر جوانبها بالفتنة، وتضطرم بالعواصف العاتية وأمواج الضلال.
على ضوء هذه الخلفية انطلقت كلمات رسول الله (صلى الله عليه وآله) تدل الأمة على الملاذ الآمن الذي تعتصم به من الفتن والضلال فيما اشتهر ب " حديث السفينة "، الذي جاء في أحد نصوصه: " ألا إن مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح؛ من ركبها نجا، ومن تخلف عنها هلك ". ما أروعه من تشبيه دال وموقظ، يبعث على التيقظ والحذر!
فرسول الله (صلى الله عليه وآله) يتطلع صوب المستقبل من وراء حجب الغيب، فيبصره مليئا بالفتن والضلالات التي يشبهها بالأمواج المتلاطمة العاتية، أمواج مهولة تغرق