من ذلك ما ذكروه، من أن الإمام حضر في مجتمع الناس بالرحبة في الكوفة واستنشدهم بحديث الغدير، حيث قالوا: نشد علي (عليه السلام) الناس في الرحبة من سمع النبي (صلى الله عليه وآله) يقول يوم غدير خم ما قال، إلا قام. فقام بضعة عشر رجلا من الصحابة (1).
لقد دأب الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) على تأكيد هذه الحقيقة دائما وفي كل مكان، حيث راح يحث من حضر الواقعة على الإدلاء بشهادته، كي لا يضيع حق " الحق " ولا يلفه النسيان. على هذا كانت شهادة هؤلاء القوم مهمة بالنسبة إلى الإمام، وعندما اختار بعضهم - ممن لم يرتقب منه ذلك أبدا - الكتمان والامتناع عن إبداء الشهادة، دعا عليهم الإمام بألم وتوجع (2).
أفيكون كل هذا الحث والإصرار، والحرص والتحرق على إضاءة المشهد وإبقاء الواقعة حية لا تنسى، لمحض أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال في جملة: أحبوا عليا وانصروه! ثم هل لنا أن نتصور أن الجهاز الحاكم فرض السكوت على تلك الجموع الكثيرة التي حضرت الواقعة، بحيث كان الإمام عندما ينشدهم لم تنهض منهم إلا قلة ضئيلة فيما تلوذ الأكثرية بالصمت خوفا أو طمعا، إنما كان من أجل أن يحولوا بين القلوب والنفوس وبين جملة أوصى بها النبي بحب علي؟
كلام المعصومين في تفسير الحديث ذكرنا مرارا أن الذين حضروا مشهد الغدير فهموا من قول النبي: " من كنت مولاه فعلي مولاه " دلالته على الولاية والإمامة والرئاسة، على هذا الأساس