أحاديث المنزلة (5) من بين أعظم الصفات التي نحل بها النبي (صلى الله عليه وآله) علي بن أبي طالب (عليه السلام)، ومن أكثر العناوين النبوية ألقا - مما أطلقه النبي على الإمام أمير المؤمنين - هو عنوان " المنزلة "، حيث ساوى النبي عليا بنفسه، ووصفه أنه مثله في القيادة. هذه المجموعة من الأحاديث النبوية تشتهر بين العلماء والمحدثين بأحاديث المنزلة، وذلك انسجاما مع صريح ما يقضي به الكلام النبوي في هذا المضمار.
لقد عبر رسول الله (صلى الله عليه وآله) عن هذا الموقع الرفيع الذي يحظى به الإمام أمير المؤمنين بصيغ متعددة، مثل قوله: " أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي ".
كما صدع بهذه الحقيقة وأعلنها على المسلمين مرات ومرات؛ ليكون بذلك قد أوضح للجميع - وللتاريخ أيضا - مساواة علي ومماثلته له في القيادة. وكان من بين المواضع التي أعلن فيها النبي هذا الكلام المعجز حول علي، غزوة تبوك.
ففي ظل أوضاع صعبة ومضنية جهز النبي جيشا كبيرا، ثم خرج من المدينة قاصدا أن يقاتل به الروم. لقد كانت تبوك هي أقصى نقطة قصدها رسول الله (صلى الله عليه وآله) في حروبه، وأبعدها عن المدينة جغرافيا. وفي المدينة حيث كان يعيش النبي استطاع النفاق أن يتبلور آنئذ في إطار حركة منظمة، راحت تترصد الوضع بصدور موبوءة بالحقد والضغينة، وتخطط بخفاء كي تنقض على المجتمع الإسلامي الفتي بضربة قاصمة.
لقد غادر النبي المدينة في سفر طويل، وهو يتوجس خيفة من فتن المنافقين وكيد الحاقدين، فماذا يفعل؟ وكيف يؤمن وضع المدينة ويطمئن عليها؟
اختار (صلى الله عليه وآله) أن يبقي عليا في المدينة، يخلفه في أهله، ويصون له دار هجرته ومن