الجهود الأخيرة (16) 1 - كتابة الوصية رسول الله (صلى الله عليه وآله) ممدد على فراش المرض وقد ثقل عليه المرض، الحمى تلهب جسده المطهر، وكل شيء يومئ إلى أن ساعة الرحيل قد أزفت، وأن النبي يوشك أن يفارق هذه الدنيا بعد سنوات من الجهد الحثيث المثابر. ما يشغل النبي في هذه اللحظات الحرجة ويقض عليه مضجعه هو مستقبل الأمة، والغد الذي ستؤول إليه رسالته الفتية، وهذه الشجرة الطيبة التي لا تزال بحاجة إلى الرعاية والحماية، وإلى عناية من نوع خاص.
في هذه اللحظات الثقيلة بوطأة الفراق الذي أوشك، وإذا بصوت يصدع من الحجرة النبوية، ورسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: " ائتوني بكتاب أكتب لكم كتابا لن تضلوا بعده أبدا " (1).
انفجر المشهد عن لغط تحول بالتدريج إلى صياح وخصام في محضر النبي الأقدس، ثم ندت عن أحد الحاضرين كلمة قارصة موجعة بعيدة كل البعد عن مقام النبي وشأوه العظيم. لقد بلغ من احتدام الموقف أن النساء صحن من وراء الستر إشفاقا على النبي، وهن يحثن الرجال أن يقربوا إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) ما طلبه،