يخرج منه إلا بالموت ". والذي أضيف إليه توضيحا وتفسيرا أن وسيلة الخروج منه هي في عقد أمتن الصلة وأوثقها بالله سبحانه تعالى عن طريق التعبد له، في حب الناس، ومساعدة الناس، والتخفيف من بلاء الناس والكشف عن مواطن الخير في نفوس الناس. ثم التعبد له، في حب الحقيقة، والمساعدة على اكتشافها، حيث كانت في نفس الإنسان أو في مجاهل الطبيعة.
ولا بدع أن يكون الإمام جعفر الصادق موضعا لهذا القلق ورمزا له.
فقد كان فرعا من شجرة هي أكرم ما عرف النسب العربي...
ورث بها الزخم الروحي الذي تناقله أهل البيت النبوي الهاشمي الكريم.
وورث بها الإدارة الفاعلة التي لا تعترف بالهزيمة والفشل. كما ورث عمق الادراك والحساسية الشديدة، والخلاصة أنه ورث الحافز العجيب الذي لم يجد له الدارسون بعد تفسيرا في حدود ما عرفوه من الحقائق الإنسانية وجوانب النفس الخفية. أنه الذي تظهر به عبقرية الأمة، وتتجلى به طبيعتها الكامنة، علما، أو نضالا في سبيل الخير، أو قيادة عسكرية، أو نبلا في الخلق والضمير. وقد هيأت له ظروف حياته أن يكون من هذا كله موضعا للعبقريتين العلمية والخلقية. فكان إماما لفرقة دينية عظيمة أنبتت عبر التاريخ الإسلامي قمما خالدة في الفن والسياسة والفكر كان منها العلماء الأجلاء والشعراء الخالدون والفلاسفة أصحاب المدارس التاريخية الواضحة.
ولعلي لا أعدو الصواب حين أقول: إن القلق الذي تحول في نفس هذا الإمام حافزا يدفعه إلى التزيد من المعرفة والخير قد انتقل إلى الفرقة كلها التي ازداد تمثلها لهذا القلق ولما ينطوي عليه من زخم ثوري عجيب.