علم الكلام هو من العلوم التي فرضتها ظروف المجتمع الإسلامي يومذاك. أنه نتيجة طبيعية لضعف نشوة الإيمان الساذج في نفوس المؤمنين، وظهور موجات من التساؤل حول كثير من القضايا والحقائق التي كان يسلم بها المؤمنون من قبل، إما لسلامة فطرتهم، أو لانشغالهم بالفتوح وهمومها، والجهاد ومسؤولياته، عنها.
ولكن الواقع أن العرب المسلمين لم يكادوا يتصلون بأصحاب الأديان الأخرى من عرب وعجم، ولم يكادوا يستقرون فيما فتح الله عليهم من الأرض، ورزقهم من الطيبات، وهيأ لهم من السلطان، حتى بدأت التناقضات تظهر عندهم، والأسئلة المتعلقة بالإيمان والذات الإلهية وحرية الإنسان والخلود والوجود والعدم تبعث رغبة عنيفة في أنفسهم، في التعريف على أجوبتها. وكانت هذه الرغبة بادئ الأمر رغبة حيية خجلة، قلقة الخطى، غامضة المحجة، ثم اشتد عودها وظهرت ضرورتها، فأقبل المفكرون من المسلمين يعيدون النظر في كل ما كان عندهم من المسلمات والبدهيات الاعتقادية، يستعينون تارة بمنطق اليونانيين، وتارة أخرى بفلسفة الأفلاطونية الحديثة التي كان لها تأثير كبير في توجيه التفكير الإسلامي.
لقد وجد يومئذ من ينكر وجود الله مستعينا على إثبات وجهة نظره بالمنطق اليوناني والتراث الإفلاطوني الحديث أيضا، ووجد يومئذ من يحمل