ونهاني عن ثلاث فأما اللواتي أدبني بهن فإنه قال لي: يا بني من يصحب صاحب السوء لا يسلم، ومن لا يقيد ألفاظه أو (ومن لا يملك لسانه) يندم، ومن يدخل مداخل السوء يتهم. قلت: يا ابن رسول الله فما الثلاث اللواتي نهاك عنهن؟ قال: نهاني أن أصاحب حاسد نعمة، وشامتا بمصيبة، أو حامل نميمة، وزاد في رواية الخصال، ثم أنشدني:
عود لسانك قول الخير تحظ به * إن اللسان لما عودت معتاد موكل بتقاضي ما سننت له * في الخير والشر، فانظر كيف تعتاد " منتخب من وصيته عليه السلام لعبد الله بن جندب " " وهي المذكورة في تحف العقول " يا ابن جندب، حق على كل مسلم يعرفنا أن يعرض عمله في كل يوم وليلة على نفسه فيكون محاسبا لها، فإن رأى حسنة استزاد منها، وإن رأى سيئة استغفر منها. طوبى لعبد طلب الآخرة وسعى لها! طوبى لمن لم تلهه الأماني الكاذبة! يا ابن جندب، يهلك المتكل على عمله، ولا ينجو المجترئ على الذنوب الواثق برحمة الله، قلت: فمن ينجو؟ قال:
الذين هم بين الرجاء والخوف، كأن قلوبهم في مخلب طائر شوقا إلى الثواب وخوفا من العذاب. من سره أن يزوجه الله الحور العين، ويتوجه بالنور، فليدخل، على أخيه المؤمن السرور. يا ابن جندب من أصبح مهموما بسوى فكاك رقبته فقد هون عليه الجليل، ورغب من ربه في الحقير. ومن غش أخاه وحقره وناوأه جعل الله النار مأواه، ومن حسد مؤمنا انماث الإيمان في قلبه كما ينماث الملح في الماء. يا ابن جندب، الماشي