القارئ صورة كاملة لمجالسه ومناظراته. من الخير لمن يرغب في التزود من هذه المجالس والمناظرات أن يرجع إلى مصادرها المعهودة.
علم الطلب دفع المسلمون الأوائل دفعا شديدا إلى الاهتمام بعلم الطب والاطلاع على موسوعاته وأبحاثه المختلفة. فقد تنوعت مآكلهم ومشاربهم، وتزاحمت المسؤوليات ترهق أعصابهم، وتتابعت الأوبئة تحصد منهم المئات والآلاف.
إذ لم يعودوا في صحراء صافية الأديم، بسيطة المأكل، هادئة، بعيدة عن مفاجآت الحكم والسياسة، ومشاكل الرزق اليومية، لم يعد العرب في مثل هذه البيئة. ولذلك فرضت عليهم ظروف حياتهم أن يهتموا بالطب والأطباء.
وكانت لكل عالم من علمائهم الخالدين، مشاركة في هذا العلم، وعلى رأسهم الإمام الصادق نفسه.
والحق أن العقائد والتقاليد لم تقف دون انتشار هذا العلم شأنها مع العلوم النظرية. ولهذا انتشرت الطبابة وذاعت كتب الطب وأصبح هذا العلم ضرورة لا يستغني عنها كبار المثقفين وأوساطهم.
وكان من رأي الإمام الصادق أن كتاب الله تعالى قد أوجز مهمة الطبابة في هذه الكلمات الثلاثة التي أوردها في معرض النصيحة والتوجيه:
" كلوا واشربوا ولا تسرفوا " وجاء في رسالة المفضل ابن أبي العوجاء ما يدل على علم الإمام بفنون من الأشربة، والأطعمة، وأنواعها، وتأثيرها، وعلاقتها بطبائع الإنسان، ثم الأدوية