وما ينبغي لأحد أن يطمع بعمل الفجار في منازل الأبرار. يا ابن جندب، قال الله عز وجل في بعض ما أوحى: إنما أقبل الصلاة ممن يتواضع لعظمتي، ويكف نفسه عن الشهوات من أجلي، ويقطع نهاره بذكري، ولا يتعظم على خلقي، ويطعم الجائع ويكسو العاري، ويرحم المصاب، ويؤوي الغريب، فذلك يشرق نوره مثل الشمس، أكلاه بعزتي واستحفظه ملائكتي، يدعوني فألبيه، ويسألني فأعطيه!
(منتخب من وصيته لأبي جعفر محمد بن النعمان الأحول) " وهي المذكورة في تحف العقول " يا ابن النعمان، إياك والمراء فإنه يحبط عملك، وإياك والجدال فإنه يوبقك، وإياك وكثرة الخصومات فإنها تبعدك من الله! إن من كان قبلكم كانوا يتعلمون الصمت، وأنتم تتعلمون الكلام. كان أحدهم إذا أراد التعبد يتعلم الصمت قبل ذلك بعشر سنين، فإن كان يحسنه ويصبر عليه تعبد وإلا قال: ما أنا لما أروم بأهل! إنما ينجو من أطال الصمت عن الفحشاء وصبر في دولة الباطل على الأذى أولئك النجباء الأصفياء الأولياء حقا، وهم المؤمنون، إنما أبغضكم إلي المترئسون المشاؤون بالنمائم، الحسدة لإخوانهم، هؤلاء ليسوا مني ولا أنا منهم! ثم قال: والله لو قدم أحدكم ملء الأرض ذهبا ثم حسد مؤمنا لكان ذلك الذهب مما يكون به في النار. يا ابن النعمان، من سئل عن علم فقال لا أدري فقد ناصف العلم، والمؤمن يحقد ما دام في مجلسه، فإذا قام ذهب عنه الحقد.
يا ابن النعمان، إذا أردت أن يصفو لك ود أخيك فلا تمازحنه،