ففي الاحسان حب هو فوق التشريع، وهو المعنى الذي تتكامل به إنسانية الإنسان: فكأن الله سبحانه وتعالى عندما قال في محكم كتابه: " وأن تعفوا أقرب للتقوى " إنما يقصد هذا المعنى بالذات.
والخلاصة أن الإمام جعفر الصادق كان يعمل بوحي الروح القرآنية.
الروح التي فرضت للناس حقوقهم وواجباتهم ووضعت لكل فريق حده، وهو مما تقتضيه ضرورة العدالة التي تستقيم بها الدولة ويتم بها الاستقرار.
ولكن التربية القرآنية لا تستهدف تحقيق العدل من خلال القانون المفصل فقط، بل تستهدف أن يتفوق الإنسان على نفسه تفوقا فيه معنى السيطرة على الغريزة، والمبالغة في تعرية النفس من شوائب الدنيا ومواطنها الجسدية المادية. إنه ما سماه الرسول (ص)، بالإحسان، وجعله فوق العدل. والحضارة في أعمق معانيها هي التي تنتهي في أعظم غاياتها إلى اكتشاف إنسانية الإنسان في أرفع معانيها وأقربها اتحادا بالمعنى الإلهي الخالد من عفو وسماحة وغفران.
ولم تظهر التربية القرآنية عند الإمام جعفر رحمه الله في هذين الخبرين فقط بل امتلأت بمئات من أمثالها كتب سيرته وأخباره. ولعل فيما رواه ابن شهرآشوب في مناقبه دلالة أوضح على عظيم تمسكه بالتربية القرآنية.
فقد جاء في هذا الكتاب: أن عمرو بن عبيد قد دخل على الصادق (ع) وقرأ " إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه ". وقال: أحب أن أعرف الكبائر من كتاب الله (أو من سنة رسول الله) فقال نعم يا عمرو.
ثم فصلها فيما يأتي:
1 - " الشرك بالله " إن الله لا يغفر أن يشرك به 2 - " اليأس من روح الله " ولا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون.