فكان التاريخ الإسلامي كله معركة دائمة بين المعارضة الشيعية، معارضة ظهرت في كل موطن، وفي كل علم، بل في كل فن وأدب، وبين السنة الموالين الذين يمثلون الحزب المحافظ في تاريخ هذا النضال الطويل.
وكما أن للحزب المحافظ فضل الابقاء على تماسك الأمة القائم وتراثها بكل ما فيه من خير وشر، وحق وباطل، وظلم وعدالة، فإن للحزب الشيعي، الديناميكية، التي سمحت لهذا العالم الهائل، العالم الإسلامي، أن يسجل خطواته التقدمية. وكان نتاج هذا الصراع الطويل بينهما التراث الذي ننعم به اليوم.
إن دراستنا لتاريخ رجال من أمثال الإمام جعفر الصادق تفرض علينا أن نتناول بالشرح والتفسير والعرض، المعارضة التي تتمثل في فئة كبيرة من العلماء والأدباء والفنيين والسياسيين على اختلاف ميولهم واتجاهاتهم. والإمام جعفر من هؤلاء في القمة، وفي مراحل تاريخهم في مركز القيادة.
كانت حياته كلها إشعاعا لا ينقطع، يصوغ به العلماء، ويشيع به حب المعرفة، ويشارك به في الاستنتاج المنطقي السليم والتأمل الفكري.
كما كانت حياته إشعاعا لا ينقطع، يصوغ به الحب، سخاء في اليد، وسعة في الصدر، ونبلا في النفس، ونقاء في الضمير.
لقد أخرجت مدرسته رجالا خالدين كأبي حنيفة، وهو من نعلم من بين صفوة الرجال.
وأخرجت مدرسته إنسانية خيرة يدل عليها مثل قوله حين يتحدث عن كرامة الفقه والفقهاء.