رسول الله صلى الله عليه وسلم زاد أنس حتى كأن ثوبه زيات أو دهان.
ولفظ الخطيب كأن ملحفته ملحفة زيات، وهذا الحديث باعتبار طرقه، وماله من الشواهد السابقة حسن، كما قاله الشيخ رحمه الله تعالى، وقال ابن سعد أخبرنا الفضل بن دكين عن عبد السلام بن حرب قال: حدثني موسى الحارثي في زمن بني أمية قال: وصف لرسول الله صلى الله عليه وسلم الطيلسان فقال: (هذا ثوب لا يؤدي شكره - هذا مرسل).
التنبيه الثاني: قوله: ولا أحد من أصحابه، يرده أنه ورد عن جماعة من الصحابة رضي الله تعالى عنهم بحضرته صلى الله عليه وسلم وبعد وفاته، منهم أبو بكر رضي الله تعالى عنه، وروى أبو يعلى وابن عساكر من طريق عبد الملك بن عمير عن ابن أبي المعلى قال: صعد رسول الله صلى الله عليه وسلم المنبر فقال: (إن رجلي على ترعة الحوض)، وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم تحت المنبر متوافرون، وأبو بكر رضي الله تعالى عنه مقنع في القوم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن عبدا من عبيد الله تعالى خيره ربه أن يعيش في الدنيا ما شاء أن يعيش فيها، وأن يأكل من الدنيا ما شاء أن يأكل منها، وبين لقاء ربه فاختار لقاء ربه)، فلم يفطن أحد من القوم لما قال صلى الله عليه وسلم غير أبي بكر رضي الله تعالى عنه فانتحب باكيا، وروى ابن أبي شيبة في المصنف، والبيهقي في الشعب عن أبي بكر رضي الله تعالى عنه أنه خطب فقال: يا معشر المسلمين: استحيوا من الله تعالى، فوالذي نفسي بيده إني لأظل حين أذهب إلى الغائط في الفضاء متقنعا بثوبي استحياء من الله عز وجل، ولفظ ابن أبي شيبة مغطيا رأسه وعمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه.
روى ابن عساكر عن زر بن حبيش رحمه الله تعالى قال: خرجنا مع أهل المدينة في يوم عيد في زمن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه، وهو يمشي متلثما ببرد قطري، وعثمان رضي الله تعالى عنه.
وروى ابن أبي شيبة في مسنده والترمذي، والحاكم، وصححه والبيهقي عن مرة بن كعب أو كعب بن مرة رضي الله تعالى عنه وابن عساكر عن عبد الله بن حوالة، والطبراني عن ابن عمر، والإمام أحمد عن كعب بن عجرة رضي الله تعالى عنهم، واللفظ لابن حوالة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لي: (يا عبد الله كيف إذا ظهرت فتنة في أطراف الأرض كأنها صياصي بقر؟) قلت: ما خار الله تعالى ورسوله، قال: (فكيف بك يا أبا عبد الله إذا ظهرت فتنة أخرى كأنها انتفاجة أرنب؟) قلت: ما خار الله تعالى ورسوله، ولفظ الباقين ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم فتنة، قالوا كلهم: ومر رجل مقنع بثوب، وفي لفظ بردائه - فقال: هذا يومئذ على الهدى، قال ابن حوالة رحمه الله تعالى: فتبعته فأخذت بثوبه فأقبلت بوجهه على النبي صلى الله عليه وسلم فكشف قناعه قلت: هذا قال: هذا، فإذا هو عثمان رضي الله تعالى عنه، فقال ابن عجرة: فانطلقت حتى