عليكم اليوم يغفر الله لكم، وهو أرحم الراحمين)، فانفضحت حياء من رسول الله صلى الله عليه وسلم كراهية أن يكون يدري، وقد قال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قال (1).
وروى أبو الشيخ، وابن حبان عن جابر رضي الله تعالى عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جعل يقبض يوم حنين من فضة في ثوب بلال، ويفرقها، فقال له رجل: يا رسول الله أعدل، فقال:
(ويحك، من يعدل إذا أنا لم أعدل؟ قد خبت وخسرت إن كنت لا أعدل) فقال عمر رضي الله تعالى عنه: ألا أضرب عنقه فإنه منافق؟ فقال: (معاذ الله أن يتحدث أني أقتل أصحابي (2)).
وروى مسلم عن عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه قال: لما كان يوم حنين آثر رسول الله صلى الله عليم وسلم ناسا في القسمة ليؤلفهم، فأعطى الأقرع بن حابس مائة من الإبل، وأعطى ناسا من أشراف العرب، وآثرهم يومئذ في القسمة، فقال رجل: إن هذه لقسمة ما عدل فيها، وما أريد بها وجه الله تعالى، قال: فقلت: والله لأخبرن رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتيته، فأخبرته بما قال، فتغير وجهه حتى كان كالصرف، ثم قال: (فمن يعدل إن لم يعدل الله ورسوله؟ ثم قال:
يرحم الله موسى عليه السلام، قد أوذي بأكثر من هذا فصبر (3)).
وروى ابن حبان، والحاكم، عن عبد الله بن سلام رضي الله تعالى عنه: أن زيد بن سعية - وهو أحد علماء أهل الكتاب من اليهود - وقال النووي رحمه الله تعالى: هو أحد أحبار اليهود الذين أسلموا - قال: إنه لم يبق من علامات النبوة شئ إلا وقد عرفتها في وجه محمد صلى الله عليه وسلم حين نظرت إليه، إلا اثنتين لم أخبرهما منه: أن يسبق حلمه جهله، ولا تزيده شدة الجهل عليه إلا حلما، فكنت أتلطف له لأن أخالطه فأعرف حلمه، فابتعت منه تمرا معلوما إلى أجل معلوم، وأعطيته الثمن، فلما كان قبل محل الأجل بيومين أو ثلاثة، أتيته، فأخذت بجامع قميصه وردائه، ونظرت إليه بوجه غليظ، فقلت: يا محمد ألا تقضيني حقي؟ فوالله إنكم يا بني عبد المطلب لمطل، وقد كان لي بمخالطتكم علم فقال عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه:
أي عدو الله، أتقول لرسول الله صلى الله عليه وسلم ما أسمع؟ فوالله لولا ما أحاذر فوته لضربت بسيفي رأسك، ورسول الله صلى الله عليه وسلم ينظر إلى عمر في سكون، وتؤدة، وتبسم، ثم قال: (أنا وهو كنا أحوج إلى غير هذا منك يا عمر، تأمرني بحسن الأداء، وتأمره بحسن التباعة اذهب يا عمر فاقضه حقه، وزده عشرين صاعا، مكان ما رعته)، ففعل عمر رضي الله تعالى عنه، فقلت: