وكان من قضاء الله وقدره أنك قربت زيادا وجعلته في آل أبي سفيان نسبا ووليته أحكام المسلمين والعباد، فسفك الدماء / 130 / أ / بغير حلها وهتك الحريم بغير حقها ولا مراقبة لله عز وجل ولا خوف منه، ظلوم كافر غشوم!!! يتخير من المعاصي أعظمها، ومن الجرائم أجسمها، ولا يرى لله وقارا ولا يظن إليه معادا ولا يحذر له نار ولا يرجو وعدا ولا يخاف وعيدا يعرض عمله في صحيفتك وتؤخذ بما اجترم بين يدي ربك سبحانه (وتعالى) ورسول الله صلى الله عليه وسلم.
و (أنت يا معاوية) لا الماضين من أئمة الهدى اتبعت، ولا لطريقهم سلكت، حملت عبد ثقيف (1) على رقاب أمة محمد صلى الله عليه وسلم يدبر أمورها ويسفك دماءها، فماذا تقول يا معاوية وقد مضى من أجلك أكثره وذهب خيره وبقي شره. إني امرأة من بني ذكوان، وثب زياد المدعى إلى آل (أبي) سفيان إلى ضيعة لي تراث أبي عن أجدادي فحال بيني وبينها وغصبني إياها وقتل رجالا من بني ذكوان ممن نازعه فيها وقد أتيتك مستصرخة، فأن أنصفت وعدلت، وإلا وكلتك وزيادا إلى الله عز وجل، فهو أحكم الحاكمين ولن تبطل ظلامتي وهو المنصف منكما.
فبهت معاوية (فجعل) ينظر إليها تعجبا من كلامها، وقال: ما لزياد؟ لعن الله زيادا فإنه لا يزال يبعث على مثالبه من ينشرها و (على) مساويه من يثيرها، ثم كتب إلى زياد بإنصافها والخروج من حقها وإلا صرفها مذموما مدحورا. وأمر لها بعشرة آلاف وصرفها مكرمة والله أعلم.