دخل عليه السجن ليلا أبو يوسف ومحمد بن الحسن صاحبا أبي حنيفة [فقال أحدهما للآخر: نحن على أحد الأمرين، إما أن نساويه أو نشكله] فسلما عليه وجلسا عنده وأرادا أن يختبراه بالسؤال لينظرا مكانه من العلم، فجاء رجل كان موكلا من قبل السندي بن شاهك (1) بالكاظم (عليه السلام) فقال له: إن نوبتي قد انقضت (2) وأريد الانصراف إلى غد إن شاء الله فإن كان لك حاجة تأمرني (3) حتى أن آتيك بها معي إذا جئتك غدا، فقال: مالي حاجة انصرف.
فلما أن خرج (4) قال لأبي يوسف ومحمد بن الحسن: إني لأعجب (5) من هذا الرجل يسألني أن أكلفه حاجة يأتيني بها غدا إذا جاء وهو ميت في هذه الليلة.
فأمسكا عن سؤاله وقاما ولم يسألا عن شيء وقالا: أردنا أن نسأله عن الفرض (6) والسنة أخذ يتكلم معنا علم الغيب، والله لنرسل خلف الرجل من يبيت عند باب داره وننظر ما يكون من أمره.
فأرسلا شخصا من جهتهما جلس على باب ذلك الرجل فلما كان أثناء الليل وإذا بالصراخ والواعية، فقيل لهم: ما الخبر؟ فقالوا: مات صاحب البيت فجأة، فعاد إليهما الرسول وأخبرهما بذلك فتعجبا من ذلك غاية العجب (7).