الفصول المهمة في معرفة الأئمة - ابن الصباغ - ج ٢ - الصفحة ٧٩٢
الساعة (1) ثم إنه تحيل عليهم حتى ظفر بمسلم بن عقيل فمسكه وقتله. (2)
(١) أعتقد أن الماتن يقصد بذلك قتلهاني بن عروة (رحمه الله) أو قتل عبد الله بن يقطين كما ذكره ابن أعثم في الفتوح: ٣ / ٥١ وهو مولى بنى هاشم الذي أرسله مسلم بن عقيل إلى الحسين (عليه السلام) يخبره ببيعة أهل الكوفة له. وعندما خرج من الكوفة قاصدا المدينة رآه عبد الله بن يربوع التميمي فأنكره، ثم لحقه وسأله عن حاله وأمره ثم نزل من فرسه وفتشه وأصاب الكتاب الذي معه ثم جاء به إلى عبيد الله بن زياد وأخبره الخبر. وقد خيره عبيد الله بين أمرين لا ثالث لهما، أما أن يخبره من دفع إليه الكتاب حتى ينجو من يده، وإما أن يقتل، فقال (رحمه الله) أما الكتاب فإني لا أخبرك من دفعه إلي، وأما القتل فإني لا أكرهه، فإني لا أعلم قتيلا عند الله أعظم ممن يقتله مثلك. فأمر عبيد الله بضرب عنقه فضربت رقبته صبرا (رحمه الله).
وأما قصة هاني ومعقل جاسوس ابن زياد فهي معروفة في كتب التاريخ وأرباب المقاتل، كتاريخ اليعقوبي: ٢ / ٢٤٣، الكامل في التاريخ لابن الأثير: ٤ / ١٣، و: ٣ / ٢٠٦، الأخبار الطوال لابن داود الدينوري: ٢٣٤، والفتوح لابن أعثم: ٣ / ٤٧ وما بعدها، ومقتل الحسين للخوارزمي: ١ / ٢٠١، الإمامة والسياسة: ٢ / ٨ و ٩، مقتل الحسين لأبي مخنف: ٢٩، الإرشاد: ٢ / ٤٥ - و ٤٨، ينابيع المودةللقندوزي الحنفي ٣ / ٥٧، ابن نما الحلي في مثير الأحزان: ١٤ الطبري: ٦ / ٢٠٣، و: ٤ / ٢٦٨، النجوم الزاهرة: ١ / ١٥٣، الأغاني: ١٧ / ٦٠، رياض المصائب: ٦٠، المقتلللخوارزمي: ١ / ٢٠٢، المناقبلابن شهرآشوب: ٢ / ٣١٨، البحار: ١١ معاجز الإمام الصادق (عليه السلام).
(٢) لا نعتقد بهذه البساطة والسهولة كما يصورها لنا ابن الصباغ المالكي (رحمه الله) من أن عبيد الله بن زياد قبض على سفير الحسين (عليه السلام)مسلم بن عقيل ومسكه وقتله بل إن المصادر التاريخية تشهد عكس ما يقوله ابن الصباغ، اللهم إلا أن يريد الماتن النتيجة واختصر الملحمة التاريخية لنهضة مسلم بن عقيل (رحمه الله) فهذا صحيح ولكن الذي يريد تتبع الأحداث ومجرياتها لابد له أن يرجع إلى المصادر التاريخية حتى يقف عن كثب لنهضة مسلم والتي عقد فيها لعبيد الله بن عمرو بن عزيز الكندي على ربع كندة وربيعة، وعقد لمسلم بن عوسجة الأسدي على ربع مذحج وأسد، وعقد لابن ثمامة الصائد على ربع تميم وهمدان، وعقد للعباس بن جعدة الجدلي على ربع المدينة، ثم أقبل نحو القصر فلما بلغ ابن زياد اقباله تحرز في القصر وغلق الأبواب، ولكن شاعت الأقدار والظروف ولم يبق مع مسلم بن عقيل من الأربعة آلاف إلا ثلاثمأة ثم ثلاثون وهكذا حتى تلاشى العدد بعد أن أمر عبيد الله كثير بن شهاب بن حصين الحارث أن يخرج فيمن أطاعه من مذحج ويسير بالكوفة ويخذل الناس عن ابن عقيل ويخوفهم الحرب، وأمر محمد بن الأشعث أن يخرج فيمن أطاعه من كندة وحضرموت ويرفع راية أمان لمن جاءه من الناس.
وقال مثل ذلك للقعقاع بن شور الذهلي وشبث بن ربعيوحجار بن أبجروشمر بن ذي الجوشن وحبس سائر وجوه الناس عنده كعبد الأعلى بن يزيد وعمارة بن صلخب الأزدي وغير ذلك من الأساليب التي اتبعها عبيد الله بن زياد حتى وصل الأمر إلى أن المرأة كانت تأتي ابنها أو أخاها فتقول.
انصرف الناس يكفونك، ويجيء الرجل إلى ابنه أو أخيه فيقول: غدا يأتيك أهل الشام فما تصنع بالحرب والشر؟ انصرف... ولذا لم يبق مع ابن عقيل أحد يدله على الطريق ولا يدله على منزل ولا يواسيه بنفسه إن عرض له عدو وهو لا يدري أين يذهب، حتى وقف على باب امرأة يقال لها طوعة أم ولد كانت للأشعث بن قيس فأعتقها فتزوجها أسيد الحضرمي فولدت له بلالا وهو الذي أخبر عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث بمكان ابن عقيل عند أمه.
وبدوره أخبر ابن زياد وبعث مع ابن الأشعث ألف فارس وخمسمائة راجل إلى قتاله، فخرج إليهم مسلم بسيفه عندما اقتحموا عليه الدار فشد عليهم حتى أخرجهم من الدار، ثم أشرفوا عليه من فوق ظهر البيت وأخذوا يرمونه بالحجارة ويلهبون النار في أطناب القصب، فخرج عليهم مصلتا سيفه في السكة فقاتلهم، ولذا أقبل عليه محمد بن الأشعث وقال له: يا فتى لك الأمان لا تقتل نفسك، فأقبل يقاتلهم وهو يقول:
أقسمت لا أقتل إلا حرا * وإن رأيت الموت شيئا نكرا فكتب إليه: إن رجلا واحدا يقتل منكم خلقا كثيرا، فكيف لو أرسلناك إلى من هو أشد منه قوة وبأسا؟ - يعنى الحسين (عليه السلام) - فكتب الجواب: إنما أرسلتني إلى سيف من أسياف آل محمد... إنما بعثتني إلى أسد ضرغام، وسيف حسام، في كف بطل همام، من آل خير الأنام. فأمده بالعسكر الكثير، ثم حمل مسلم عليهم فقتل منهم خلقا كثيرا وصار جلده كالقنفذ من كثرة السهام. فقال ابن الأشعث: لك الأمان يا مسلم. فقال لهم: لا أمان لكم يا أعداء الله وأعداء رسوله. ثم إنهم حفروا له حفيرة في وسط الطريق، واخفوا رأسها بالدغل والتراب، فوقع مسلم في تلك الحفيرة، وأحاطوا به فضربه ابن الأشعث على وجهه بالسيف فشقه، فأوثقوه وآتوه إلى ابن زياد....
وجرت بينهما محاورة طويلة ذات معان عاليه من قبل مسلم بن عقيل... ثم أمر ابن زياد أن يصعد بمسلم على أعلى القصر ويرمى منه، وفعلا ألقوه من أعلى القصر وعجل الله بروحه الطاهرة إلى الجنة، ثم أخذوا مسلما وهانيا فألقوهما في الأسواق، فبلغ خبر مسلم وهاني إلى مذحج فقاتلوا القوم، فغسلوهما ودفنوهما رحمهما الله انظر المصادر التالية: تاريخ الطبري: ٦ / ٢٠٧، ٥ / ٣٤٧، أنساب الأشراف: ٥ / ٣٣٨، الأغاني:
١٧ / ١٦٢، الأخبار الطوال لابن داود الدينوري: ٢٤٠، شرح مقامات الحريري للشريشي: ١ / ١٩٢، اللهوف: ٢٩ - ٣٠، المعارف لابن قتيبة / ٢٥٣ الطبقات لخليفة: ١ / ٣٣١، الكامل لابن الأثير:
٤ / ١٢٠، مقتل الحسين " خوارزمي: ١ / ٢٠٨ فصل ١٠ وص: ٢١٤ وما بعدها، - نفس المهموم: ٥٦، المناقبلابن شهرآشوب: ٢ / ٢١٢.
وانظر أيضا منتخب الطريحي: ٢٩٩ مطبعة الحيدرية في النجف، مثير الأحزان لابن نما الحلي: ١٧، أسرار الشهادة: ٢٥٩، تاريخ الخميس: ٢ / ٢٦٦، المحبر لابن حبيب: ٤٨١، مختصر تاريخ الدول لابن العبري: ١١٦، تاريخ أبي الفداء: ١ / ١٩٠، البداية والنهاية لابن كثير: ٨ / ١٥٧، تاريخ ابن عساكر:
٤ / ٣٣٢، مقتل العوالم: ٦٦، الإرشاد: ٢ / ٤٥ - ٦٦، وقعة الطف لأبي مخنف ٧٧ مقاتل الطالبيين: ٩٥، بحار الأنوار: ٤٤ / ٣٢٤، مقتل الحسين لأبي مخنف: ص ٤٥ - ٥٠، ينابيع المودة: ٣ / ٥٦ - ٥٧، الإمامة والسياسة: ٢ / ٨ - ١٠، الفتوح لابن أعثم: ٣ / ٥٧ وما بعدها، مروج الذهب: ٢ / ٨٨، تهذيب التهذيب: ٩ / 64.