وليس معنى الأصابع معنى الجارحة لعدم ثبوته، بل يطلق الاسم في ذلك على ما جاء به الكتاب من غير تكييف ولا تشبيه!
وقال غيره من حمل الأصابع على الجارحة فقد رد على الله - سبحانه وتعالى - في قوله: {سبحانه} وأدخل نفسه في أهل الشرك، لقوله تعالى: {سبحانه وتعالى عما يشركون}.
وهو - عز وجل - يذكر في كتابه المبين التحرس عما لا يليق، دفعا وردا لأعدائه، كقوله تعالى: {وقالوا اتخذ الله ولدا، سبحانه} وقال تعالى: {وخرقوا له بنين وبنات بغير علم، سبحانه} ونحو ذلك، وآكد من ذلك قوله: {وأنه تعالى جد ربنا ما اتخذ صاحبة ولا ولدا} قدم تنزيهه - عز وجل - أولا في هذه الآية.
والقرآن طافح بذلك.
ومنها: ما رواه الشيخان من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أنه صلى الله عليه وسلم قال: (لما قضى الله الخلق كتب في كتاب، فهو عنده فوق العرش: أن رحمتي غلبت غضبي) وفي لفظ: (سبقت).
قال القاضي المشبه - تلميذ ابن حامد -: ظاهر قوله: (عنده) التقرب من الذات.
وما قاله يستدعي القرب والمساحة، وذلك من صفات الأجسام، وقد عمي عن قوله تعالى: {مسومة عند ربك}.
ومن المعلوم أنك تقول: عندي فوق الغرفة كتاب كذا، وهو في موضع شاسع نازل عن الغرفة بمسافة بعيدة.
ثم إن هذا القاضي روى عن الشعبي أنه قال: إن الله قد ملأ العرش حتى أن له أطيطا كأطيط الرحل، وهو كذب على الشعبي (1).