الحدث، وهو عز وجل منزه عن ذلك شرعا وعقلا، بل هو أزلي لم يسبق بعدم، بخلاف الحادث.
ومن المعلوم أن الاستواء إذا كان بمعنى الاستقرار والقعود لا بد فيه من المماسة، والمماسة إنما تقع بين جسمين أو جرمين.
والقائل بهذا شبه وجسم، وما أبقى في التجسيم والتشبيه بقية، كما أبطل دلالة ﴿ليس كمثله شئ﴾ (١) ومن المعلوم في قوله تعالى ﴿لتستووا على ظهوره﴾ (2) أنه الاستقرار على الأنعام والسفن، وذلك من صفات الآدميين.
فمن جعل الاستواء على العرش بمعنى الاستقرار والتمكن، فقد ساوى بينه - عز وجل - وبين خلقه.
وذلك من الأمور الواضحة التي لا يقف في تصورها بليد، فضلا عمن هو حسن التصور جيد الفهم والذوق، وحينئذ فلا يقف في تكذيبه (ليس كمثله شئ) وذلك كفر محقق.
ثم من المعلوم أن (الاستواء) من الألفاظ الموضوعة بالاشتراك، وهو من قبيل المجمل، فدعواه أنه بمعنى الاستقرار في غاية الجهل، لجعله المشترك دليلا على أحد أقسامه خاصة.
فالحمار مع بلادته لا يرضى لنفسه أن يكون ضحكة، لجعله القسم قسيما.
فمن تأمل هؤلاء الحمقى وجدهم على جهل مركب، يحتجون بالأدلة المجملة التي لا دليل فيها قطعا عند أهل العلم.
ويتركون الأدلة التي ظاهرها في غاية الظهور في الدليل على خلاف دعواهم،