دفنوه موضع قبضه للمعنى الذي ذكره.
وهذا شأنه إن وجد شيئا يوافق هواه وخبث طويته، ذكره ووسع الكلام فيه وزخرفه، وإن وجد شيئا عليه أهمله، أو حمله على محمل يعرف به أهل النقل جهله وتدليسه عند تأمله، وفي بعض المواضع يعرف من غير تأمل.
وقوله: وكانت الصحابة والتابعون لما كانت الحجرة النبوية منفصلة عن المسجد لا يدخل للصلاة هناك، ولا يتمتع بالقبر، ولا دعاء هناك).
هذا أيضا من الجسارة التي يزخرف بها على العوام وأشباههم من سيئي الأفهام من الطلبة، فإن هذا لا يدل على مراده من منع الزيارة، بل كلامه يدل على الزيارة بلا هذه الأفعال إلا الدعاء، فليس كما قال، وسيأتي إن شاء الله تعالى.
ومع ذلك ليس مجمعا عليه، كما زعمه وأوهمه كلامه.
فإن أبا أيوب الأنصاري رضي الله عنه زار والتزم القبر، فأنكر عليه مروان بن الحكم، فوبخه أبو أيوب، وقال في كلامه ما معناه: أبكوا على هذا الأمر إذا وليه غير أهله (1).
ذكر ذلك أبو الحسين في كتابه (أخبار المدينة).
وروى عن ابن عمر رضي الله عنهما: أنه وضع يده على موضع مقعد النبي صلى الله عليه وآله وسلم من المنبر، ثم وضعهم على وجهه (2).
وكان رضي الله عنه يتردد إلى الأماكن التي كان يتردد إليها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وبراحلته لأجل التبرك.