الدعاء بالإجماع، وأن الحكاية التي وقعت بين مالك وأبي جعفر المنصور كذب.
سبحانك هذا بهتان عظيم، وهذا من الفجور الذي لا أعلم أحدا فاه به، ولا رمز إليه، لا من العلماء ولا من غيرهم.
أما قضية مالك مع المنصور فقد ذكرتها في الكلام على التوسل، فإنها صحيحة بلا نزاع.
وأما الدعاء عند القبر فقد ذكره خلق، ومنهم الإمام مالك، وقد نص على أنه يقف عند القبر، ويقف كما يقف الحاج عند البيت للوداع، ويدعو، وفيه المبالغة في طول الوقوف والدعاء، وقد ذكره ابن المواز في الموازية.
فأفاد ذلك: أن إتيان قبر النبي صلى الله عليه وسلم والوقوف عنده والدعاء عنده من الأمور المعلومة عند مالك، وأن عمل الناس على ذلك قبله وفي زمنه، ولو كان الأمر على خلاف ذلك لأنكره، فضلا عن أن يفتي به، أو يقره عليه.
وقال مالك في رواية ابن وهب: إذا سلم على النبي صلى الله عليه وآله وسلم ودعا يقف ووجهه إلى القبر، لا إلى القبلة، ويدعو ويسلم، ولا يمس القبر بيده.
نعم في (المبسوطة): لا أرى أنه يقف عنده ويدعو، ولكن يسلم ويمضي.
وإنما ذكرت كلام (المبسوطة) لأن من حق العالم الذي يؤخذ كلامه أن يذكر ما له وما عليه، لأن ذلك من الدين.
وقال أبو عبد الله محمد بن عبد الله السامري في كتاب (المستوعب) في باب زيارة قبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (وإذا قدم مدينة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم استحب له أن يغتسل لدخوله، ثم يأتي مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ويقدم رجله اليمنى في الدخول، ثم يأتي حائط القبر، فيقف ناحيته، ويجعل القبر تلقاء وجهه، والقبلة خلف ظهره، والمنبر عن يساره، ثم ذكر كيفية السلام والدعاء وأطال، ومنه: اللهم إنك قلت في كتابك لنبيك - عليه الصلاة والسلام -: {ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاؤوك} الآية، وإني