قد أتيتك مستغفرا، فأسألك أن توجب لي المغفرة، كما أوجبتها لمن أتاه في حال حياته اللهم إني أتوجه إليك بنبيك) وذكر دعاء طويلا، ثم قال: وإذا أراد الخروج عاد إلى القبر فودع).
وهذا أبو عبد الله من أئمة الحنابلة، وساق هذا الكلام سياق المتفق عليه. ومن جملة ما أفاد: أنه يتوسل بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم، ويتوجه به بعد وفاته كما في حياته، وأن الآية عامة وشاملة للحياة وبعد الوفاة، فتنبه لذلك.
وكذلك ذكره أبو منصور الكرماني من الحنفية: أنه يدعو ويطيل الدعاء عند القبر المكرم.
وقال الإمام أبو زكريا النووي في مناسكه وغيره: فصل في زيارة قبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وذكر كلاما مطولا، ثم قال: (فإذا صلى تحية المسجد أتى القبر، فاستقبله واستدبر القبلة على نحو أربعة أذرع من جدار القبر، وسلم مقتصدا لا يرفع صوته)، وذكر كيفية السلام، ثم قال: (ويجتهد في إكثار الدعاء، ويغتنم هذا الموقف الشريف...) إلى آخره.
فهذه نقول الأئمة بتطويل الدعاء عند القبر المكرم، وقد خاب من افترى وكل أحد تلحقه الخيبة على قدره.
وقوله: (وهذا كله محافظة على التوحيد، فإن من أصول الشرك بالله اتخاذ القبور مساجد، كما قال طائفة من السلف في قوله تعالى: {لا تذرن آلهتكم ولا تذرن ودا ولا سواعا ولا يغوث ويعوق ونسرا وقد أضلوا كثيرا}.
قالوا: كان هؤلاء قوما صالحين في قوم نوح، فلما ماتوا اعتكفوا على قبورهم ثم صوروا على صورهم تماثيل، ثم طال عليهم الأمد فعبدوها.
وقد ذكر ذلك المعنى البخاري في صحيحه عن ابن عباس رضي الله عنهما، وذكره ابن جرير الطبري في تفسيره وغيره عن غير واحد من السلف...)