من أنشوطتك، قولوا قولكم.
فقال: عتبة وشيبة وشركهما أبو سفيان قالوا: فانا نرى أن نرحل له بعيرا صعبا نوق محمدا عليا كتافا وشدا ثم نخز البعير بأطراف الرماح فيوشك أن يقطعه بين الدكادك إربا إربا، فقال صاحب رأيهم: إنكم لم تصنعوا بقولكم هذا شيئا أرأيتم إن خلص به البعير سالما إلى بعض الأفاريق فأخذ بقلوبهم بسحره وبيانه وطلاقه لسانه فصبا القوم إليه واستجابت له القبائل وسار إليكم فأهلككم، قولوا قولكم.
فقال أبو جهل: لكن أرى أن تعمدوا إلى قبائلكم الشعر فتنتدبوا من كل قبيلة منها رجلا نجدا وتبيتون ابن أبي كبشة فيذهب دمه في قبائل قريش جميعا فلا تستطيع قومه محاربة الناس فيرضون حينئذ بالعقل، فقال صاحب رأيهم: أصبت يا أبا الحكم.
قلت: وقد ورد أن هذا الرأي أشار به إبليس عليهم، وجاءهم في زي رجل من نجد.
قال: فأوحى الله إلى نبيه بما كان من كيدهم وتلا عليه جبرئيل عليه السلام (وإذ يمكر بك الذين كفروا) الآية، وأمره بالهجرة فدعا عليا عليه السلام لوقته فأخبره بما أوحى إليه وما أمر به، وانه أمرني أن آمرك بالمبيت على فراشي أو على مضجعي ليخفى بمبيتك عليه أمرى، فما أنت قائل وصانع؟ فقال علي عليه السلام:
أو تسلم بمبيتي هناك يا نبي الله؟ قال: نعم، فتبسم علي عليه السلام ضاحكا وأهوى إلى الأرض ساجدا شكرا لما أنبأه به رسول الله صلى الله عليه وآله من سلامته، وكان أول من سجد شكرا، وأول من وضع وجهه على الأرض بعد سجدته من هذه الأمة بعد رسول الله صلى الله عليه وآله، ثم رفع رأسه وقال: امض لما أمرت به فداك سمعي وبصرى وسويداء قلبي، ومرني بما شئت أكن فيه كسرتك، واقع منه